د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما يوسد الأمر لغير أهله !!
من سمات الأمم الراقية حفظ الأمانات ووضع الأكفاء المؤتمنين في مراكز القيادة .
ولكننا في اليمن مع الأسف الشديد وفي ظل هذه الحروب الضروس نضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب ،وتوسيد الأمر لغير أهله ..وهذا من مؤشرات الفساد بحيث يمسك بزمام الأمور عير الأكفاء ويتم استبعاد المؤهلين وأهل الخبرة والأمانة ،وقد سأل رجل رسول الله صل الله عليه وسلم عن الأمانة فقال :
«إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (رواه البخاري) .
و في زمن الفتن والحروب وخاصة في اليمن في هذه السنوات العجاف تنتشر المحسوبيات والواسطات وباتت المصالح الشخصية هي رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، وصارت الأمور تدار بهذه الشاكلة وتحت مظلة «هذا ولدنا» و«وهذا من عظم الرقبة » وهذا من الجماعة رغم قلة خبرته ومعرفته في إدارة الأمور وهو غير مؤهل لاعتلاء هذا المنصب إلا أنه يعين في أرقى المناصب وأخطر المواقع، والسبب من أجل خاطر الطائفة أو القبيلة ، أو الحزب الفلاني!!
وهنا تحبط الكفاءات ويضيع الحق، ويسود الظلم وينتشر الفساد، وقل على مجتمعاتنا السلام ..والسؤال هو : هل نصمت وندفن رؤوسنا كالنعام؟ لا وألف لا !!
ومع ذلك يتصدّر الأوغاد في اليمن المسئوليّات الكبرى، في الوقت الّذي ينزوي الأخيار عن السّاحة، أو يُفرض عليهم الإقصاء، ويصبح أهلّ الحقّ قابضين على الجمر، يُحارَبون من أقرب النّاس إليهم، ولا يجدون على الحقّ أعواناً.
وتنقطع الجسور بين أبناء الوطن بسبب مصالح المتنفذين وصدق فيهم قول الشاعر العربي :
خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها * * * وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتـدِ
وأكرمُ الأُسْدِ محبـوسٌ ومُضطهدٌ * * * وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهمْ * * * حكمَ الرويبضـةِ المذكورِ في السنَدِ
فكم شجاعٍ أضـاع الناسُ هيبتَهُ * * * وكمْ جبانٍ مُهـابٍ هيبـةَ الأسَدِ
وكم فصيحٍ أمات الجهلُ حُجَّتَهُ * * * وكم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غدا في غير موضعـهِ * * * وكم وضيعٍ غدا في أرفعِ الجُــدَدِ
دار الزمان على الإنسان وانقلبَتْ * * * كلُّ الموازين واختلَّـتْ بمُســتندِ
وفي الوقت الّذي يتصدى الأحرار للظلم ، وترفض الشّعوب الاستسلام لطغيان أنظمتها فتهبّ لتستردّ كرامتها وحرّيتها المصادرة والمغتصبة من قِبل تلك الأنظمة الجائرة والفاسدة ومنها اليمن ، نجد أنّ عجلة الإصلاح تتراجع عصوراً للوراء، ويصبح المواطن مهمّشاً مهاناً مظلوماً مبغيّاً عليه، ويصبح الوطن مُداراً من قِبل أناسٍ من المجرمين واللصوص وتجار الحروب !!
نعم.. في زمن تجد الأمانة مضاعةً والأمر يوسّد إلى غير أهله، وفي زمن يصبح النّاس فوضى لا حكماء يقودونهم، بل تكون القيادة للجهّلة ويصبح من لا عقل لهم ولا حلم لديهم هم أهل الوجاهة والصدارة والقيادة، ويصبح العقلاء الحكماء هم الغرباء، ويسخّر الإعلام أجهزته المرئيّة والمقروءة والمسموعة لأخبار اللصوص والمنافقين والأوباش وتجار الحروب ، ويتجاهل أخبار أهل الشرف و العلم والإبداع والمصلِحين، ويظل الصراع مستمرا بين الحق والباطل حتى يحق الله الحق ويبطل الباطل وجولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة !!..
وصدق الله القائل: (وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ) (يونس - 82)
وخير ما نختم به قوله سبحانه وتعالى ( وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلْأَمْرُ كُلُّهُۥ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم .
د. علوي عمر بن فريد