مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
بريطانيا.. الاستعمار الذي حبب بنفسه
كانت سمة السياسة الاستعمارية البريطانية تتميز بتوسع ما يسمى بـ "الإمبراطورية غير الرسمية" ، والتي شملت دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مع الاحتفاظ بمدينة عدن كمركز وهمزة وصل للتجارة العالمية ، فموقع عدن الاستراتيجي جعلها نقطة مهمة للبريد المار من مناطق المحيط الهندي وأوروبا ، ولذلك كان هناك برلمان في عدن وتطوير مستمر للبنية التحتية للمدينة من مباني سكنية ومستشفيات و مدارس و شبكة طرقات ومجاري حديثة ، كما تم توسيع وتحديث قدرات ميناء عدن ، واعطيت مساحة واسعة من الحرية الملحوظة للأعلام والصحافة جميعها اعطت عدن اهميه عالمية وحاضنه لكل الديانات والجاليات .
تشير تجربة الصراعات الأخرى إلى أن اتفاقات السلام التي تبرمها النخبة والقيادات السياسية فيما بينها ، و لم يدعمها جزء كبير من السكان كقاعدة عامة ، محكوم عليها بالفشل ، والجنوب اليوم و بعد 53 عامًا من انسحاب القوات البريطانية من عدن وتوقيع عددا من اتفاقات السلام الداخلية ، لازالت الحرب جزءًا لا يتجزأ من حياتهم ويعترف الناس بصراحة أن كل ما يحلمون به الان هو العيش ولو قليلاً بسلام وعدم رؤية الأسلحة والتوقف عن الخوف على انفسهم وعلى أطفالهم.
يقول الكثير من سكان عدن ، ان الانجليز كانوا أقرب إلينا في ثقافتهم وتقاليدهم ، وعلى الرغم من تسميتهم بالمستعمرين ، ألا اننا كنا نفهم بعضنا البعض بشكل رائع ، لقد شيدوا لنا بنى تحتية لازالت قائمة وتستخدم حتى اللحظة ، اما اليوم فالحروب والصراعات لا تمنح الجنوبيين الوقت حتى لبناء أي شيء يذكر ، لأنهم على طول مجبرون على القتال والمقاومة والدفاع .
تحية لتلك القلة الجنوبية الوطنية ،التي سعت لاستقلال الجنوب من اجل الحرية و البناء، والمجد والخلود لكل شهيد قدم روحه بصدق من اجل الوطن .