أحمد علي عولقي يكتب لـ(اليوم الثامن):

  عجيبةٌ هي الأقدار   2 - 3   

اليمن في عهد الحمدي ... قبل ان يتولى علي عبد الله صالح البلاد .

اليمن لم يكن فيها منابع نفط , ولا مناجم ذهب ولا فظة ولا حديد . ولا  ثروة ولا موارد  دخل تنهض  بالبلاد . اليمن تعتبر دولة فقيرة بامتياز. لكنها في  واقع  أمرها . تختلف عما بها  و شعبها يعيش في رخاء, ونهضة وأمن واكتفاء .

الريال اليمني يقارع العملات ,يسير شامخا رافعاٌ رأسه  في كل الاتجاهات بين كل العملات .

الدولار بأقل من ثمانية ريال !  نهضة  كاملة في البنيان والعمران . وتطور شامل في كل الخدمات . .

كيف جاء هذا  الرقي والازدهار ,  برغم انه يثير العجب . ألا انه أمر في غاية البساطة   والسهولة لا يغيب عن ذهن  العاقل والفهمان .

لعل العمالة المهاجرة لها الدور الأكبر في تنمية البلاد  فقد ضخت بالأموال الكثيرة  وبالعملة الصعبة التي تفوق  احتياجات البلاد . والمشاركات الفعالة في نهضة البلاد .

والمساعدات السخية. من أخواننا  في الخليج . ركيزتان أساسيتان , نقلت اليمن من حال الى حال .

.

. بأبشع أنواع  الغدر والخيانة استشهد  أنزهـ الرجال . وهو لا بملك إلا  بيته . ومن الأموال خالي الوفاض . لا يمتلك سيارات من آخر طراز . ولا أرصدة في البنوك ولا عقار .

رحم الله الحمدي حاسب نفسه  قبل ان يُحاسب في دار القرار  .

.

بحمد الله كل شي متوفر الغذاء والدواء و النفط و مشتقاته..وكل طلبات ومتطلبات الموطن موجودة . و الأسعار معقولة .  باختصار المواطن  آخر تمام .

الحمدي له تطلعات كبيرة وأهداف كثيرة

ولكن في اليمن تحقيقاتها من الأمور العسيرة  .

.

الحمدي لديه علم بأن في مؤامرة  لقتله  ولكنه لا يعلم أي شي عن تفاصيلها وشخصياتها . وكذلك المصدر لا يعلم التفاصيل إنما صدفة أو غلطة لعبت دورها .

أنا أؤكد على ان لديه علم بالمؤامرة وعلى مسئوليتي هذا الكلام  ولكن لا يعلم تفاصيلها.   

الحمدي لديه علم سابق بان بعض شيوخ القبائل وقليل من القيادات العسكرية. يقومون بتحركات مريبة. واعتقد ان الضربة ستأتيه من هنا .

فأخذ الاحتياطات اللازمة على هذه الثغرة , وقناعته بأنه أقوى منهم وان الشعب  والقوات المسلحة تسانده .

.

الحذر لا يمنع القدر و لكن الأخذ بالأسباب واجب..

من الثوابت الدينية أن الحذر لا يُنجي من القدر إلا أن الأخذ بالأسباب من ركائز الشريعة الإسلامية فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام  ( أعقلها وتوكل ) عندما سأله احد البدو  هل أعقل ناقتي أو اتركها وتوكل على الله .

.

القادم  في علم الغيب لكن التوقعات تنذر بشر مستطير

.    

بدء الخيانة والعمل الإجرامي  لقتل ثلاثة رؤساء .

الأول الرئيس الشمالي إبراهيم محمد الحمدي ويعتبر أفضل رئيس وأنزه واشرف رئيس  عرفته اليمن . السيناريو الذي تم التخطيط له كبير وواسع . والمشتركين كثيرين .

والمنفذين للمؤامرة  عدد محدود  وعلى رأسهم من له أفضال عليهم .

ونذكر منهم . احمد حسين الغشمي  و علي عبد الله صالح .

.

 المقدم احمد حسين الغشمي : نائب الرئيس الحمدي .

الذي للرئيس الحمدي أفضال عليه  ساعد في تعيينه  نائب الرئيس له  .

الطرف الثاني : علي عبد الله صالح  قربه إليه ورفع مكانته في القوات المسلحة وعينه قائد لواء تعز  . الشهيد الحمدي يثق في الاثنين ولم يشك فيهما وكانت هذه الثقة هي الثغرة التي دخل منها المتآمرين . وفيها ومنها الضربة القاتلة .

.

حجم المؤامرة  اكبر و أوسع امن ان نذكره بتفاصيله هنا.  وليس هذا موضوعنا.. فهي شبكة شبه عنكبوتيه خطط لقتله بعدد من السيناريوهات لموته المحقق .

.

من المفترض ان يكون التخلص من الحمدي قبل ذلك الوقت ولكن عند ما علم المتآمرون  بان الحمدي صار لديه علم بأن مؤامرة تحاك ضده وشبه جاهزة . و ليس لديه أي تفاصيل ولا معلومات عنها . الحمدي اخبر المقربين إليه . و اخذ الحذر وعمل الترتيبات .

علم المتآمرون  من خلال الخونة  الذين يظهرون له الإخلاص  .

وجد المتآمرين انه  شبه مستحيل انقلاب عسكري عليه بسبب انه محبوب من المؤسسات العسكرية بمجملها وكذلك المدنية  والأهم الشعب يحبه  .

.

أتت اتفاقية الوحدة بين الرئيسين الشمالي والجنوبي .. فقرر  المتآمرون انه لا مجال للتأخير يجب الإسراع في التنفيذ لــ قتل الحمدي بأسرع وقت ولا يمكن السماح له بالذهاب الى الجنوب .

.

قال احد العلماء:-  شياطين الإنس أعظم خطراً من شياطين الجن

فكيف إذا اجتمع شياطين الأنس وشياطين الجن لتنفيذ جريمة خطيرة

.

لا شك انه عند ما اجتمع شياطين الأنس المتآمرون  لقتل الحمدي اجتمع  معهم شياطين الجن وساندوهم بأفكارهم الجهنمية .

ومن مميزات السيناريو أو الخطة  ليس فيها مخاطر . لا انقلاب  بالمعنى التقليدي لا دبابات ولا طائرات ولا مدافع ولا مصفحات  و لا رتل من العساكر . كلما ما في الأمر خيانة  تقشعر لها الأبدان .

-

.عزومة الموت الشبيهة بمأدبة السفاح العباسي لبني أمية .

منتهى الغدر والخيانة

-

قام احمد حسين الغشمي  بعزومة غذاء  وهمية لاستدراج  إبراهيم الحمدي وأخوه المقدم عبد الله محمد الحمدي . حضر أولاً  عبدالله الحمدي وتم قتله . المتآمرون مصرون على حضور عبد الله الحمدي وقتله كان أمر ضروري  للمتآمرين .

 فبقاءه حيا يشكل خطر كبير لإفشال المؤامرة . حتى وان قتل الحمدي ..

لهذا اختار المتآمرون الغشمي  لأنه لن يشك فيه . واستدعوا علي عبد الله صالح  من تعز وجاء متنكرا , وهو الذي أطلق النار على الحمدي .

.

واختصاراً وعدم التطويل حضر أولاً عبدالله الحمدي وتم قتله وفيما بعد حضر إبراهيم الحمدي وأدخلوه الغرفة ( مجلس ) وشاهد أخوه على أرض الغرفة  مجندل بدمائه . صار حوار بين الحمدي والمتآمرين وذكرهم بأفضاله عليهم وعاتبهم لو اخبروه لتنازل وغادر البلاد  بدون سفك دماء , ثم طلب منهم ان يتركوه يغادر البلاد وبذهب الى مصر أو سوريا .

الغشمي  بداء يلين وأقرب الى الموافقة  لكن لا بد من الرأي الجماعي . فالمؤامرة  شبكة من المتآمرين .

علي عبد الله أحس بخطورة الموقف وتفادي أي خلافات  صاح بالرفض وأطلق الرصاص على الشهيد الحمدي وفقدت اليمن خير أبنائها واخلص  رجالها .

.

بعد إتمام الجريمة  وطمس حقائقها .

تم تنصيب قائد الجريمة رئيسا للجمهورية العربية اليمنية .

احمد حسين الغشمي صار رئيس الجمهورية العربية اليمنية خلفا للرئيس إبراهيم الحمدي ولم يستمر طويلا  فقد جاءه  ضيف رسمي من اليمن الجنوبي يحمل حقيبة دبلوماسيه فيها رسالة من الرئيس سالم ربيع علي  ( سالمين ). واستقبله في مكتبه .

وبعد التحية والسلام جلس الاثنان في مكتب الرئيس لفتح الخطاب.. 

والفهم لما يحتويه الخطاب ومن ثم الرد على الخطاب .

وخارج المكتب جموع من كبار المسئولين  وكل منهم مصاب بالفضول  يريد معرفة ما في الخطاب . ويتمنى لو انه في المكتب  ليشاهد تعابير وجه الرئيس وهو يقرأ  الخطاب  ! وفجأة.. وهم في ذهول مما جرى وكان..

إذا بدوي انفجار رهيب  من داخل المكتب . تتناثر أشلاء الاثنين  الضيف والمضيف على أرضية وجدران المكتب . مات الاثنان بسبب الحادث .

.

يقال ان الحقيبة استبدلت وتم تفخيخ الحقيبة بالمتفجرات في مقر الأمن السياسي في عدن من قبل خبراء من ألمانيا الشرقية  وإشراف  محسن الشرجبي .  بأوامر من الأمين العام للحزب وموافقة الأكثرية من اللجنة المركزية . 

وقليل يقول ان سالمين هو من أمر بذلك .

الأكيد والتأكيد  أنها من صنع خبراء من ألمانيا الشرقية  سوى كانت من سالمين أو من خصومه  وتم تجهيزها في مقر امن الدولة  .

.

.

بشر القاتلين بالقتل .

قُتل الرئيس احمد الغشمي بطريقه أبشع مما قتل  بها الحمدي .

على أثر ذلك  تحرك  ضد الرئيس الجنوبي  سالم ربيع علي , خصومة  رفاقه من عشاق الفتن والصراعات  ومدمني  القتل ومحبين سفك الدماء واعتبرها فرصه لا تعوض لتخلص منه وقتله . وبعد الهجوم عليه في قصره ومحاصرته  استسلم  بعد نفاذ الذخيرة و تم القبض عليه ومن معه  وتم تنفيذ الإعدام  فيهم . 

وهكذا تم قتل الرؤساء الثلاثة  بهذه الصور ة  المأساوية . وتتوالى  المفاجآت و يصبح علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية ( الشمال )

.

فالرجل ليس لديه لا علم ولا تعليم ولا ثقافة ولا خبرة سياسية . وللأمانة لديه ذكاء حاد .

وفي بداية حكمه  يتعرض لحدث هام ومهم . يثبت من خلال تفاعله مع هذا الحدث, ما يحمله في أعماقه من سلوكيات وطموح وإصرار وجراءة  .

-

رئيس البلاد توجه له دعوة غذاء .

ذهب للعزومة والغذاء ,

ألأوغاد جندلوه غدرا على مائدة الغذاء ,

من قلة  العهد الوفاء .

أحد صناع الجريمة صار حاكم للبلد  .

كما تدين تدان.. 

والجزاء من جنس العمل.

الرئيس الجديد أستقبل ضيف في مكتبة

يحمل حقيبة مفخخة انفجرت بهما سوا .

أصبح الكرسي الملعون

شؤما منحوسا على من يجلسه .

لو اكتفاء  بـ ضابط كبير في ثكنته

خيرا له من خيانة صحبته .

-

قيام انقلاب ضد علي عبد الله صالح

بعد أقل من ثلاثة أشهر تولى علي عبد الله صالح رئاسة البلاد تعرض لانقلاب  من قيل القوميين الناصريين  وتحديدا في تاريخ 15اكتوبر عام 1978 م . سبب الانقلاب.. منها انتقاما لمقتل  الرئيس الحمدي ومنها إخراج البلاد من بوتقة الجهل والتخلف والهيمنة القبلية ، والقضاء على الفساد المستحكم  في البلاد . ويفشل هذا الانقلاب . ويتم إعدام أكثر من عشرين  من القيادات القومية الناصرية  .

.

حدث الانقلاب وعلي عبد الله خارج صنعاء  والانقلاب شبه ناجح . وعند ما علم الرئيس صالح  بالانقلاب عاد الى صنعاء  مقامرا بحياته .

لو كان غيره  لهرب خارج البلاد للحفاظ على سلامة رأسه .

ولكنه بهذه الجرأة والتهور أثبت انه مستميت على السلطة  ولو كان الثمن رأسه . كما اثبت انه سفاح  ولن يردعه شي وسيقتل كل من ينازعه في ملكه , وهذه النزعات العدوانية الشريرة  من ضمن العوامل التي جعلته يمكث كثيرا في الحكم .

وجاءت حادثة مسجد النهدين  لتثبت انه يغامر برأسه في سبيل الجلوس على كرسي الحكم , وتتوالى الشواهد والحقائق ويثبت انه لا ولن يتخلى  عن الحكم فقاوم الشياطين أو كما يسميهم الثعابين . وتحالف مع أشد أعدائه وألد خصومة  الحوثيين  .

-

.

الفتى الراعي أصبح رجل آخر .

غير الذي كنا نعرفه. التف حوله جهابذة الرياء والنفاق .

وعديمي الضمائر والأخلاق .عشاق الشهرة  بأي ثمن كان .

أتحفونا..أزعجونا بالمديح عن الزعيم الرمز المجيد .

والقائد الحكيم القائد الاستثنائي الذي ليس له مثيل .

وقيل في صفاته ومعجزاته ما لم يقال في كسرى أنو شروان .

وأنه أعجوبة من عجائب الزمان  . 

.

الزعيم أصابه الهوس وجنون العظمة فاعتبر البلاد ملكه .

والعرش من حقه له وحده ومن بعده  يحكم  ولده .

لذا جعل مؤسسات الدولة  العسكرية والمدنية و خزينة البلاد  

تحت  تصرفه وطوع أمره .

كذلك التحكم والتصرف بأمور وشئون العباد .

أما الوزراء والمدراء وكل المسئولين  مجرد موظفين في خدمته .

-

سؤال محوري يثير العجب !

الجحافل الذي يصرف لهم المبالغ الخيالية . يشتري ذممهم وضمائرهم ..

أليس فيهم  من رجل رشيد أو شيخٌ حكيم ..

يقدم له النصية الصادقة وان كانت مرة أو مؤلمة أو موجعه .

بعيدا عن النفاق والتزلف.. والمصلحة ولمنفعة .

ينصحه بصدق و أمانة : 

يا فخامة الرئيس : هذي نصيحة من القلب صادقة أهديها لفخامتك

لا أريد من ورائها  مصلحة ولا منفعة . ورأيت من واجبي أنصحك .

 لا يأخذك الشطح والعجب . ولا يغرك من يدعي انه معك.

اعلم بان عشره قبلك حكموا الوطن  .

ومن قبلهم الأمام البدر وأبوه وجده .

كلهم كانوا يحكمون اليمن .

كلهم بلا استثناء. كانت لهم نهايات وخيمة . 

فلو دامت لغيرك ما وصلت إليك .

لا تثق فيمن في من معك .

من باع نفسه  وضميرهـ  والوطن .

فاعلم يقينا انه سيبيعك ببخس ثمن .

  -

من العبث والسفه . ومنتهى الجهل والغباء .

ان يتحالف مع الحوثي .

وهو الذي أدخلهم ستة حروب , ليبتز بهم دول الخليج .

وهو الذي قتل أبائهم وشبابهم ورجالهم  ودمر بيوتهم .

وخرب مزارعهم  ورمل نسائهم ويتم أطفالهم

وثكل أمهاتهم وشردهم من بيوتهم !

وبكل غباء وجهل . قدم نفسه لهم هدية  . 

.

مسك الختام 

لا شيء  في هذه الدنيا يبقى , وكل مخلوق سيُفنى 

,ليس غير الله يبقى . مهما ضحك لك الزمان ,

فلا تغتر بضحكاته ,فالحياة سعادة وتعاسة

مهما كان الحظ معك, لا بد يوما  يقف ضدك .

لا تلهث وراء لذة عاجلة ولا تركن الى دنيا فانية.

لا تبحثوا في البحر أو في الهواء .

عن المستحيل , لإصلاح حالنا

لن تصلح أمورنا حتى تصلح نفوسنا ,

ونكون قدوه بأخلاقنا لأولادنا .

في البيت والسيارة، في السير وعند الإشارة .

وفي الشارع  وفي الإدارة , وفي الأسواق و الحارة

وملاعب الكرة الدوارة , وباللسان والعين والنفس الأمارة .

هذا هو أصل المرض المدمر لحياتنا .

لا تحرثوا في البحر ولا تزرعوا في الهواء..

لتبرير عجزنا في إصلاح ذاتنا .

كونوا  قدوة وأسوة بأخلاقكم العالية ,

وتصرفاتكم الراقية ,كما كانوا أسلافنا

من صنعوا تاريخنا  وعزنا  ومجدنا .

أول المشوار لإصلاح أحوالنا يبدأ بإصلاح نفوسنا, والتمسك بديننا .

اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا وأهدنا سُبل السلام و أخرجنا

من الظلمات إلى النور  وردنا إليك رداً جميلاً ..

اللهم آمين  يا رب العالمين .