مهدي عقبائي يكتب:
قوات حرس نظام الملالي تحتكر تعدين البيتكوين
في خضم تفشي وباء كورونا، أدى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في طهران وغيرها من المدن الإيرانية في صقيع الشتاء القارص وتلوث الهواء الشديد الذي قطع أنفاس أبناء الوطن إلى تفاقم المصاعب على المواطنين واضطرارهم إلى الاحتجاج. ويقدم مسؤولي نظام الملالي ذرائع مختلفة لقطع التيار الكهربائي، لكنهم يتهمون أبناء الوطن بالكذب والخداع ويلقون باللوم عليهم في إنقطاع التيار الكهرائي.
بيد أن هذه الافتراءات سخيفة لدرجة أن فضيحتها تجلت في المصادر الحكومية أيضًا. وكشفت الاحتجاجات الشعبية أخيرًا عن أن السبب الرئيسي في انقطاع التيار الكهربائي في إيران هو تعدين قوات حرس نظام الملالي والصينيين لعملة البيتكوين الرقمية. وفي الآونة الأخيرة أكد مصطفى رجبي مشهدي، المتحدث باسم صناعة الكهرباء الإيرانية، رسميًا أن "مستخرجي العملات الافتراضية" من بين أسباب زيادة استهلاك الكهرباء في إيران.
وللعلم، بيتكوين عملة رقمية ويتم تعدينها بواسطة أجهزة كمبيوتر خاصة وتستهلك كمية كبيرة جدًا من الكهرباء.
وكتبت صحيفة "آرمان" الحكومية الوطنية على لسان الخبراء، قولهم: إن مزرعة صينية كبرى لتعدين البيتكوين في رفسنجان تستهلك كهرباء بحجم استهلاك عدة محافظات. والجدير بالذكر أن تعدين البيتكوين يستهلك كمية من الكهرباء تعادل تقريبًا استهلاك مدينة مشهد الكبرى، ثاني أكبر المدن في البلاد ويبلغ عد سكانها 3,5 مليون نسمة.
وكتبت الصحيفة المذكورة: إن استهلاك مزرعة بيتكوين الصينية في رفسنجان فقط للكهرباء يتسبب في خسارة 1700 ميغاواط من الكهرباء، أي ما يعادل استهلاك الكهرباء في عدة محافظات.
وفيما يتعلق بضغط مراكز تعدين البيتكوين على شبكة الكهرباء في البلاد، كتبت صحيفة "رسالت" : "إن إنتاج كل وحدة بيتكوين يستهلك من الكهرباء ما يعادل الاستهلاك السنوي لـ 24 منزلًا في طهران، أو ما يعادل استهلاك الكهرباء لمنزل واحد في طهران لمدة 24 عامًا".
والحقيقة هي أن قوات حرس نظام الملالي هم الراعي الرسمي لمزارع البيتكوين في إيران، فضلًا عن أن الجيش الصيني يربح مليارات الدولارات من تعدين البيتكوين؛ من خلال إنشاء مزارع البيتكوين في إيران واستخدام الكهرباء الرخيصة، ويودع الأرباح مباشرة في الصين.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "جهان صنعت" الحكومية: " أنشأ الصينيون ملايين المزارع في إيران بسبب سعر الكهرباء الرخيص في البلاد، ويستخرجون مليارات الدولارات من البيتكوين. والجدير بالذكر أن الصينيون ليسوا وحدهم من يقتحم هذا المجال . ومن المؤسف، يبدو أننا يجب أن نعيش في الدخان والظلام لكي يصبح الصينيون أثرياء".
قوات حرس نظام الملالي تحتكر تعدين البيتكوين
وما يستحق المشاهدة وفقًا لما نراه في وسائل إعلام نظام الملالي في السنوات الأخيرة، هو مكافحة مزارع تعدين البيتكوين، وفي الحقيقة بدأت قوات حرس نظام الملالي في مصادرتها منذ عامين، وتحديدًا في عام 2018.
وتفيد الإحصاءات غير الرسمية أنه يوجد حاليًا حوالي 180,000 جهاز تعدين بيتكوين في إيران، تمتلك معظمها الشركات والمؤسسات التابعة لقوات حرس نظام الملالي. ومن المؤكد أن هذا العدد لا يشمل الأجهزة المهربة التي دخلت البلاد ولم يتم تسجيلها. فعلى سبيل المثال، استورد جهاز الشرطة حوالي 16,000 جهاز تعدين بيتكوين.
وفي الحقيقة، يرجع السبب في أن المؤسسات الحاكمة لم تحظر تعدين البيتكوين قانونيًا إلى أن هذه المؤسسات أفسدت نفسها أخلاقيًا باقتحامها القطاع الخاص النشط في هذا المجال، وإلا لما استطاع أي قطاع خاص أن يحصل على عدد كبير من أجهزة تعدين البيتكوين، فضلًا عن أن أصحاب المزارع الرقمية الكبيرة في إيران هم مؤسسات غير خاضعة للقانون. ولا تجرؤ بعض الكيانات من قبيل البنك المركزي على اقتحام هذا المجال.
هذا ويعد التحايل على العقوبات وغسل الأموال والتهرب من النظام المصرفي من بين العوامل التي جعلت تعدين البيتكوين حقلًا جذابًا لقوات حرس نظام الملالي.
وفي 29 سبتمبر2019، كتب موقع إخباري مصرفي إلكتروني أن وزارة الطاقة تقول إن هناك 148,000 جهاز في إيران لتعدين البيتكوين ، وتدر هذه الأنشطة دخلًا سنويًا يبلغ نحو 219 مليون دولار.
كم تبلغ أرباح نظام الملالي من تعدين البيتكوين؟
كتبت وكالة "بلومبرج" للأنباء في شهر يوليو 2019، أن استخراج كل وحدة بيتكوين تدر دخلًا على نظام الملالي يبلغ 8300 دولار.
وكتب موقع "انتخاب" الحكومي في 6 فبراير 2020 نقلًا عن صحيفة "ويك" أن دخل نظام الملالي من عملة البيتكوين يبلغ 8 مليار و 500 مليون دولار.
وفي مقابلة مع القناه 5 بتلفزة نظام الملالي، كشف الحرسي جلالي النقاب في 28 سبتمبر 2019 عن سر أكبر، قائلًا: " إن أكثر من 90 في المائة من أموالنا أصبحت إلكترونية ولا يوجد منها عمله ورقية سوى ما يتراوح بين 7 إلى 10 في المائة". وعلى الرغم من أنه كان يشير إلى معدل الدوران النقدي، بيد أن الحقيقة هي أن النقد الأكثر شيوعًا في الصفقات التجارية عبر الإنترنت هي "العملات المشفرة الرقمية"، وأهمها وأشهرها عملة "البيتكوين".
التجارة الحصرية لقوات حرس نظام الملالي
والآن يمكننا أن ندرك أن دخل قوات حرس نظام الملالي من هذا العمل التجاري المشبوه أكثر بمراحل مما هو متوقع، وهو عمل تجاري تحتكره هذه القوة القمعية من حيث المبدأ منذ عام 2019 نتيجة للهجوم الضخم الذي شنته هذه القوات على مزارع تعدين البيتكوين. ومن المؤكد أن هذه الزمرة الإجرامية تستعين بالخبراء الصينيين وغير الصينيين المجندين لهذه المهمة.
وكما أكدت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي ، فإن قوات حرس نظام الملالي هي نقطة الارتكاز الرئيسة للقمع الداخلي وتصدير إرهاب نظام الملالي. لذا، من الضروري حلها، والحل لجميع مشاكل الشعب الإيراني هو الإطاحة بنظام الملالي.