يوسف السعدي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الثقافة السياسية في فكر شهيد المحراب
كان إنجازا مهما قيام شهيد المحراب الخالد بوضع الأسس التي يجب إن تقوم عليها الثقافة السياسية للفرد، من اجل ان يقوم المتصدي للعمل السياسي بمسؤولياته على أكمل وجه ممكن، لان غياب هذه الاسس سيؤدي إلى حالة من التشويش، نتيجة لأسباب عدة كالجهل أحياناً، السطحية في فهم الامور أحياناً أخرى.
فقدان المعايبر سيعرضنا لفوضى فكرية، فكل الموجودون يتحدثون باسم الإسلام، ولكن يتصارعون بعضهم مع بعضهم الآخر، ويكفِّر بعضهم بعضاً، ويتقربون إلى الله بذلك، وبالتالي هناك عمليات تسقيط للشخصيات الإسلامية وللمجاهدين، وللكيانات السياسية الإسلامية، تحت مبررات يحاول بعضهم جعلها شرعية بشكل أو بآخر..
هذا سيعرضنا لفوضى مثيلة للتي واجهتها المدارس الإسلامية على مستوى الأحكام الشرعية، حين غيبّت الاجتهاد فوقعت في التضاد والتناقض في الأحكام الشرعية، وحدثت فوضى حتمت على الحاكم ـ الذي لم يكن مهتماً بالإسلام ـ أن يقيّدها بالمذاهب الأربعة، فأصبحت الأمة فرقاً وجماعات، وتمزقت دون أن يكون لها منهج واحد.
هذا الحال جعلنا بحاجة لثقافة سياسية، ذات مناهج أساسية تتناولها الحوزة العلمية بصورة دقيقة وعلمية متطابقة مع منهج الاجتهاد؛ ليعرف المرء من أين يأخذ ثقافته هذه.. وبذات الوقت هي خطوة صحيحة باتجاه غلق الطريق على كثير من الذين يقصدون المصادر السقيمة للأخذ منها، كوكالات الأنباء المغرضة والمضللة، والصحف والمجلات ذات الأهداف الخبيثة.
ان المتأمل في كلام شهيد المحراب الخالد عن الثقافة السياسية، يراه يصف لنا حال العراق الان قبل فترة طويلة، وكأنه يعيش معنا هذه الظروف العصيبة التي تمر على بلدنا الان، من صراعات سياسية وحزبية هدفها الوحيد هو الكسب المادي لتكوين امبراطوريات اقتصادية، التي هي بعيدة كل البعد عن جوهر العمل السياسي الذي حدده الاسلام، الا وهو خدمة الانسان ورفعته وتطورها، وبذلك يكون الانسان اعطى مقام خلافة الخالق على الارض حقه.