مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

الدستور اليمني : ﻻﻧﻲ ﺑﻨﺎﻳﻢ ﻭﻻﻧﻲ ﺑﺼﺎﺣﻲ

الدستور هو القانون الأساسي للمجتمع والدولة ويحدد الأهداف والمبادئ الأساسية لتنميتهما ، وللدستور تأثير كبير جدا على حياة كل فرد في المجتمع، وغالبًا ما يختلف الدستور والواقع عن بعضهما البعض ،لذلك ليس من المستغرب أن ينظر إليه قسم كبير من المجتمع على أنه وثيقة رسمية وليس قانونًا للعمل المباشر ، يعيشون وفق قواعده  دون ان يروه ، بينما البعض الاخر يعرف ان هناك دستور  يسمع عنه ، لكن لا يراه ولا يعرف شكله ومصدره ، مثل حالة  السلطة في المادة 4 من الدستور اليمني ( الشعب مالك السلطة ومصدرها ....) ، " بالاسم فقط " والباقي على  حكمة الباري  .

المشردون وعارضوا الازياء ومقدمو البرامج وبائعي الخضار  والفاكهة  والدجاج   في الدول المتحضرة يعرفون الدستور جيدًا ويمكنهم حتى الاقتباس منه ، لانهم يعيشون في دول تعلمهم حقوقهم وتحترم عقولهم ، بينما في اليمن من المؤسف ان نسمع ان بعض المدونون انفسهم لا يعرفون الوثيقة الاساسية ، فكيف بالمواطن البسيط  .

الدستور اليمني منذ بداية الوحدة اسس لصالح طبقة  معينه  من المجتمع،  وليس للعامة ، اما تحقيق كل نقطة من نقاط الدستور ،  فهذا من المستحيلات  ، و مقياس الإنسانية والعدالة الاجتماعية فيه تجاه  "  المرأة " صفر على الشمال ، اضف على ذلك يسعى البعض بشكل قوي وخبيث لاخفاء وجودها السياسي والاجتماعي، بحصرها بين كماشة محدودية النصوص الدستورية والقانونية وضعف ثقافة المجتمع الدستورية  .

اتمنى ان لا  ارى دستور جديد من قبل أولئك الذين يختارون خيارات الولاء الضيق ، التي تمثل كل عام حصة متناقصة من الأمة المنقسمة ، فقيمة  الدستور من  قيمة الانسان والدولة في قواعده ، والتعليم و التنمية والحقوق في سلم اولوياته  ،فالبلد بحاجة الى دستور من اجل الجميع ، دستور قوي وعادل ، اكان ذلك بالاتفاق على دستور يلم الشمل  من اجل وطن واحد ، او بالعودة الى ما قبل 22مايو 1990 وكل  واحد ودستوره ، لان الناس تعبت و تريد وطن لا تستيقظ فيه كل  صباح وتعتقد أن كل شيء قد تغير نحو الاسوأ ، كيف لا ولدينا حكومتان وجيشان ورئيسان وبرلمانان ، والكل يقاتل ولا يدري مع من وضد من ، اوضاع تدفعك اما للعلاج في مصحة  "السلام " للأمراض النفسية ، او ان تهاجر على الفور .

ضعف تأثير الدستور اليمني على الدولة والمجتمع  اوجد وضع غير مفهوم في البلاد ، إذ ليس لدينا أحزاب سياسية قادرة على تشكيل حكومات جديدة (لأن بالعادة حكوماتنا هي من تشكل أحزابا وليس العكس) ، و ليس لدينا  "موائد مستديرة " سياسية (بل حروب ومشاحنات وفضائح على قنوات التلفزيون )، نحن عمومًا لا نملك قدرة السياسيين الحقيقيين على التفاوض ، لأن الثقافة السياسية الوحيدة التي اعتدنا عليها منذ ثلاثين عامًا هي ثقافة تهميش الدستور و الاخر و الإهانة والتدمير.