صلاح السقلدي يكتب:
ثورة 11 فبراير 2011م.. بين منطقية الأسباب وخيبة النتائج
يصادف اليوم 11 فبرار 2021م الذكرى العاشرة للثورة التي عصفت بأركان حكم الرئيس السابق صالح…
فما حصل يوم الــ11فبراير 2011م من تحرك شعبي كانت ثورة مكتملة الأسباب، بكل مقايس أسباب الثورات….
ولكنها كانت ناقصة النتائج متواضعة المكاسب المرجوة..فلا يستطيع أحدٌ حتى أكبر المناوئين لها أن ينكر أن كل أسباب هذه الثورة كانت قائمة وتستحق القيام بها لقلع نظام أجمع الكل على فساده وفشله وتسلطه، كما أن ظروفها الداخلية والخارجية متوفرة، ولم تكن المفاجأة بقيامها، بتلك الهبة الشعبية الهائلة بل بتأخرها كل هذه السنين، خصوصاً وأنّ الجنوب كان قد تحرّك مبكرا ضد تلك السلطة ،وتحديدا ضد سلطة 7يوليو1994م, وكان بوسع القوى والأحزاب بالشمال أن تصطف مع الجنوب ليس منذ انطلاق ثورته رسيما عام 2007م بل منذ بداية تشكل ملامح العسف والطغيان والاقصاء الذي تعرض له الجنوب لولا أن تلك القوى والأحزاب تملّكتها الأنانية، واستبدت بها فكرة خضوع لفرع للأصل، اعتقادها أن أية مؤازرة لثورة الجنوب ستكون تشجيعا للنزعة الاستقلالية .
وقد احتشد لنصرة تلك الثورة أعني ثورة 11فبراير 2011م كل القوى التواقة لقيامة دولة مدنية متحررة من هيمنة القوى التقليدية المستبدة الفاسدة قبل أن تمسك بزمامها أحزاب وقوى بخاطبها الديماغوجي الانتهازي وتجييرها لمصلحتها الحزبية، وتبعيها بعد ذلك ببازار التسوية والتقاسم،المعروفة بالمبادرة الخليجية،وترتضي باقتسام نصف المناصب والمكاسب وتصير بالأخير جزء من قبحه وفساده وسطوته ( أو بالأحرى عادت إلى حضن سلطة صالح بعد قطيعة مؤقتة)، وهي التي ظلت تنعت ذلك الحكم بالفاسد والعائلي الذي يؤسس لحكم وراثي عائلي، قبل أن تصير نصف فساده و تمارس التوريث بأفظع صور التوريث ليس فقط على مستوى المناصب والوظائف الكبيرة المدينة والعسكرية والدبلوماسية بل على أصغر واتفه المواقع والوظائف.
الثورة – أية ثورة- تشبه الفاكهة، أن قُــطِفتْ قبل الأوان فسدت وكانت بمذاق الحامض المر عديم الفائدة،والعكس صحيح أن ظلت الى وقت النضوج كانت ذو قيمة وفائدة.
ينسى البعض أن يتناسى أن أخفاق ثورة 11 فبراير من تحقيق أهدافها:
-هو استحواذ الاحزاب عليها وتصويرها بأنها من ممتلكاتها الحزبية التي يجب أن توظف لمصلحتها دون سواها، ودخول القبيلة أو جزء من القبيلة على الخط، ليس لتصير هذه القبلية جزء من الدولة والثورة بل لتتخذ منها سلاح ووسيلة ابتزاز مادي وفرصة لتصفية حسابات متراكمة على خلفية صراع المصالح المال والحكم.
– مقايضتها ببازار المساومات والتقاسم،, وكانت النتيجة ثورة بمذاق حامضة الطعم عديمة الفائدة والجدوى.
كنا في الجنوب نتوخى أن تكون تلك الثورة في 11فبراير (ونحن بهذه المناسبة نحاكي مناسبة يوم الشهداء بالجنوب) فرصة تاريخية للكل لإعادة الأمور على نصابها كما كانت قبل الانقلاب الأكبر على المشروع الوحدة بحرب 94م، ولكن خيبة الأمل كانت لنا بالمرصاد مع هذه القوى كما كانت تلازمنا منذ بعد تلك الحرب، حين تقدمت الجنوب بمبادرات عدة لتصويب الوضع المختل، مثل مبادرة المصالح الوطنية وفكرة تصحيح مسار الوحدة، والتي أجهضت جميعها بالمهد .
وبرغم مرارة التجارب وخذلان القوى الحزبية لم تأخير الجنوبيون بمؤازرة ثورة 11فبراير،فقد شارك بعض الجنوبين بهذه الثورة بشكل مباشر أو غير مباشر، على أمل أن يطوي الجميع بالشمال والجنوب مرحلة عمرها ربع قرن من الاستبداد والاقصاء والفساد والفوضى، وإصلاح ما أفسده الطغاة والغزاة, ولكن يا خيبة المسعى للمرة الألف،فمجرد ان تقاسم تلك القوى كعكة الحكم والدسم سرعان ما أدارات ظهر المجن لكل من شاركها هذه الثورة, وتنصلت لكل الوعود ورمت بخطابها خلف الشمس،بل أدارت فوهة خصومة خطابها الإعلامية 180 درجة جنوباً.