فيصل الصوفي يكتب:
أسئلة الحصانة من كورونا
سوف يحصل اليمنيون –وبالمجان- على الكميات الكافية من لقاحات المناعة من الإصابة أو العدوى بفايروس كورونا، وإن تأخر الجزء الأكثر منها إلى العام التالي، وهذا يعني تعيين أي الفئات هي الأولى بالتحصين أو التلقيح، وكيف يمكن الوصول إليها؟
لقد سقطت الشائعة القائلة إن الدول الغربية سوف تحتكر اللقاحات لمصلحة سكانها، أو أن أثمانها المرتفعة سوف يحرم الناس في البلاد الفقيرة منها، نظراً لعدم قدرة هذه الدول على شراء الكميات الكافية التي يحتاجها سكانها.
فمن جهة تعهدت بريطانيا وفرنسا ودول غنية أخرى توجيه كميات كبيرة من اللقاحات نحو البلدان الفقيرة، وهي الكميات التي اشترتها لحاجتها وفاضت عنها.
ومن جهة ثانية، هناك الخطة العالمية، التي تسمى كوفاكس، وتم من خلالها ضمان التوزيع العادل للقاحات بين الدول.. وكوفاكس هذا برنامج عالمي اقترحته منظمة الصحة العالمية على دول ومنظمات مانحة، لشراء وتوزيع اللقاحات على الدول الفقيرة، فبريطانيا، على سبيل المثال، أسهمت -حسب قول السفير مايكل آرون- بخمسمائة وثمانية وأربعين مليون جنيه استرليني لتمويل شراء الجرعات التي تخص اليمن، ووفاقاً للبرنامج أو الخطة أو المبادرة (المبادرة اشترك فيها التحالف العالمي من أجل اللقاحات، منظمة الصحة العالمية، التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة) سوف تحصل اليمن خلال هذا العام على 12 مليون جرعة لقاح، تكفي لنحو 6 ملايين شخص، حسب ما ذكر مسئول في الحكومة.
ومن جهة ثالثة تكفلت حكومة المملكة العربية السعودية بسد الفجوة، فقد رأت أن اللقاحات التي توفرها خطة أو مبادرة أو برنامج كوفاكس للدول الفقيرة لا تكفي لسد احتياجات مواطنيها، فأعلنت في وقت مبكر أنها تتفاوض مع منتجي اللقاحات بشأن شراء كميات لدول فقيرة من بينها اليمن ودول في قارة إفريقيا.
قالت الحكومة إن الدفعة الأولى من اللقاحات -وهي مليونان و316 ألف جرعة- سوف تصل بداية الشهر المقبل، وهذا يعني أن موعد بداية حملات التطعيم بات قريباً، فهل هي جاهزة لذلك؟ ثم هل عملت الحكومة حساباً لأي مفاجآت محتملة.. مثلاً، الجرعات التي تكفلت بها السعودية قد لا تتوافر خلال هذا العام لسبب ما من الأسباب.. وتقول الحكومة إن الجرعات المضمونة في الخطة العالمية كوفاكس، هي 12 مليون جرعة، لستة ملايين شخص (20 في المائة) بينما تتوقع كميات إضافية (50 في المائة)، لكي يتم تطعيم سبعين في المائة من اليمنيين.. ونشير هنا أن الحكومة لم تطلب من كوفاكس -في الوقت الأصلي- سوى الجرعات التي تكفي فقط لنسبة 20 في المائة من اليمنيين، ثم ارتفع طموحها بعد انتهاء المباراة!
إذا كان عدد الجرعات أقل من عدد المواطنين الذين يتعين تطعيمهم، فمعنى ذلك على الحكومة تحديد الفئات الأولى بالتطعيم، أي الفئات التي يمثل الفايروس تهديداً آنياً لحياة أفرادها.. هل حددت الحكومة من هي هذه الفئات، وأين توجد؟ الذكور أم الإناث، الأطفال أم الشباب، الكهول أم الشيوخ والعجائز، من هم الذين يحتاجون للقاح الآن أو خلال هذه السنة، ومن الذين يمكن أن يأتي عليهم الدور في العام القادم، أو بعد عشرة شهور مثلاً؟
ثم.. البلاد منقسمة، والنسبة الأعلى من السكان يقطنون في المساحات الجغرافية التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.. بعض القيادات الحوثية أكدت أن التطعيم ضد فايروس كورونا لا يعنيها، أو لا تريده، لا تريد من الغرب تصدير لقاحات لليمنيين ضد فايروس كورونا، بل تريد منه منع تصدير فيروسات الأسلحة إلى الخليج، حسب تعبير محمد علي الحوثي.. هذا الاستهتار معهود من جماعة تتصرف تصرف عصابة، أما الحكومة فعليها التعامل مع هذا الأمر بجدية.. كيف ستصل إلى السكان في تلك المساحات الجغرافية؟ هل هي قد نسقت بهذا الشأن مع جهات صحية محلية، ومع وكالات وهيئات الأمم المتحدة مثل: منظمة الصحة العالمية، اليونيسيف، البرنامج الإنمائي، وصندوق الأمم لسكان؟ لا ندري.
على أننا نعتقد أن المؤسسات التعليمية يمكن أن تكون مثالاً جيداً لمشهد التطعيم العادل! أو التوزيع العادل لجرعات اللقاح، فهذه المؤسسات تجمع مختلف فئات الشعب، فهل نقول إن حملة التطعيم ينبغي أن تبدأ من المدارس ورياض الأطفال والجامعات أولاً؟ وماذا عن الفئات المهمشة، وعن النازحين المشتتين، وعن أفراد الأمن والجيش، والعاملين الصحيين، أيكونون في رأس قائمة الأولويات.