شهريار كيا يكتب لـ(اليوم الثامن):

إيران: جيل ينهض من الأنقاض لبناء مستقبل الحرية

إيران اليوم على شفا الانهيار. هواء ملوث، تربة جافة، وأرواح محطمة تحمل ندوب أربعة عقود من حكم الملالي. لم يظهر هذا الدمار فجأة، بل هو نتيجة تراكم أزمات متتالية: اقتصاد يختنق، تعليم متداعٍ، وبيئة تتلاشى. الأنهار تجف، الأراضي تهبط، والمدن تتآكل. لكن الأزمة الأعمق هي أزمة الروح - حيث يعاني واحد من كل أربعة إيرانيين من اضطراب عقلي، والشباب يغرقون في اليأس والقلق.

الاقتصاد لم يعد يتنفس إلا بدعم اصطناعي. التضخم قضى على نصف الدخل خلال عقد، وأصبحت الاحتياجات الأساسية حلماً بعيد المنال. نظام التعليم، المسيس والمهمل، سلب جيلًا من الإبداع والفرص. البيئة، التي كانت كنز إيران، تتلاشى مع جفاف الأنهار والبحيرات. هبوط الأرض يبتلع المدن بهدوء، نذيرًا بكارثة وشيكة. هذه ليست أخطاء عابرة، بل علامات فشل نظامي.

هجرة النخب تحولت إلى نزوح جماعي. أطباء، مهندسون، وباحثون يفرون سنويًا بحثًا عن أمل. بالنسبة للكثيرين، بناء حياة في إيران أصبح مستحيلًا. هذا الجيل، المولود وسط الأزمات الاقتصادية والقمع السياسي، يواجه سؤالًا مؤلمًا: لماذا أبقى؟ لأي مستقبل أسعى؟ عندما المؤسسات فاسدة، والتعليم فارغ، والإعلام دعاية، والجدارة بلا قيمة، يصبح اليأس رفيقًا يوميًا.

لكن وسط هذا الخراب، تنبثق صحوة قوية. لقد تخلى الشباب عن أوهام الإصلاح. لم تعد أكاذيب النظام مقنعة. انتفاضة 2022 كشفت هذه الحقيقة: الشعب لا يطالب بإصلاحات، بل بتغيير النظام. شعارات تلك الحركة لم تكن مجرد هتافات، بل إعلان نية لإيران حرة من الطغيان الثيوقراطي.

في قلب هذا النضال، تقف وحدات المقاومة، خلايا شعبية تنتشر في مدن وقرى إيران. هذه الوحدات تمكّن الشباب، تقدم الوضوح الأيديولوجي، التدريب العملي، والتضامن العاطفي. من خلالها، تعلم الشباب قيمة التنظيم، قوة الوحدة، وضرورة الانضباط. التكنولوجيا أصبحت سلاحهم: منصات رقمية لفضح أكاذيب النظام، تنظيم الاحتجاجات، ونشر الحقيقة. هذه الجهود تبني أساس إيران ديمقراطية، لبنة تلو الأخرى.

مؤتمر إيران الحرة 2025 في روما: دعم عالمي لنضال الشباب
في 31 يوليو 2025، استضاف البرلمان الإيطالي مؤتمر «إيران الحرة 2025»، حيث أشادت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بشجاعة الشباب ووحدات المقاومة في تحدي الطغيان. وأكدت: «هذا الجيل يقود ثورة الحرية، مسلحًا بالإرادة والتنظيم.» قدمت خطتها العشرية كخارطة طريق لإيران ديمقراطية خالية من القمع، تدعم المساواة بين الجنسين والانتخابات الحرة. دعا السناتور جوليو تيرزي العالم إلى دعم هذا النضال، محذرًا من تهديد النظام للمنطقة العربية عبر دعم الإرهاب في دول مثل لبنان واليمن. وطالب بإدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب، مؤكدًا أن التضامن العربي مع الشباب الإيراني سيمهد لسلام إقليمي.

هذا الجيل المحب للحرية مدعوم بحركة مقاومة لم تتزعزع. ليس المطلوب استعادة الماضي، بل تخيل مستقبل لم يُرَ بعد: إيران عادلة، شفافة، وحرة. الإجابة ليست في المعجزات أو وعود القوى الأجنبية، بل في النضال الدؤوب عبر التواصل والعمل الجماعي. هذا الجيل، رغم جراحه وإرهاقه، يبقى صلبًا. إنهم مهندسو المستقبل، ينهضون من الأنقاض، لا ينتظرون الإذن.

هل سيصمت العالم أمام هذا الصمود؟ الحرية تنتظر إجابة.