علي ثابت القضيبي يكتب لـ(اليوم الثامن):
تَقريباً أوشكت نِهاية اللعبة
كما يُخيّلُ لي ، أو بحسبِ ما تفرزهُ مُعطيات الأداء الدولي في الشّأن السّياسي ، فإنهُ قد ٱن كما يَبدو إعلان وقف رقصة بَرَعِ الحرب هنا ، فقد إنطوت ستٌ سنواتٍ وأكثر ، والمتحاربون ما انفكوا يلوحون بِجنابيهم المُشْهَرة ، ويتمايلون بأجسادهم حول بعضهم بإلتفافاتٍ مُخادعةٍ لبعضهم في نفسِ الدّائرة ! ( هكذا هي رقصة برع الشّمال ) ، ومحصّلة الحرب دراما باهتة مُملة ، وليسَ ثمّة نتائج إلا تَفاقم تضخم كروش كِبار النّاهبين في البلادِ المُنهكة تماماً ، وبينهم دائرة الفعل السياسي ايضاً .
الإتحاد الأوربّي عَبّر عن قَرفهِ ممايجري هنا ، جاء هذا في تصويت برلمانه يوم ١٣ فبراير الجاري على مشروع قرارٍ دعى الى خروج كل القوّات الأجنبية من البلاد ، ولإتاحة الفرصة لتحاور أطراف القتال ، وفي الوقت نفسه ينهمكُ المبعوث الأمريكي المُعَيّن حديثاً بإجراءِ مُباحثاتٍ مُكثّفة مع القيادة اليمنية والسعودية في الرياض ، كلٌ ذلك بهدف التّوصل الى تسويةٍ سياسيّة للنزاع ، وهذا يُشيرُ الى أنّ الأولويات قد تَغيّرت لدى الفاعلين الدوليين ، وأنّ ثمّة مُستجدّات أكثر حيوية بالنسبة لهم رُبّما تكون قد طرأت على الموقف ناحيتهم .
في رُكنٍ قَصيٍ من الباحةِ الخلفيّة للدارِ ، هناك يَغرقُ الإصلاحيون في تَقليب أكداسِ أضابيرهم وملفّاتهم بحثاً عن أين سيكون موقعهم من الإعراب ، ثمّ أن الحوثي يستبقُ اللحظات ماقبل الأخيرة بالمزيدِ من الضّغط حول عاصمتهم مأرب ، وبالقطعِ ما يَدور هناك ، هو ضمن سيناريو إعادة توزيع البيادق على الرقعةِ ، وذلك لتسهيل رسم النّهايات بالنسبة للفاعلين الدوليين والمؤثرين إقليمياً .
يُشيرُ سياسيون كُثر الى الإرتباط الوثيق بين الحرب هنا والملف النّووي الإيراني ، وعلى خلفية ذلك يوصمون الأحداث في مأرب بتعبير ( الصّفقة ) ، لاننسى أنّ توقيع الإتفاق النّووي في ٢٠١٥م ، قد حدثَ مع طرد الحوثيين من جنوبنا ، وايضاً مع تقليم أظافر وإنهاء وجود المجاميع الإرهابية لتنظيم الدولة الإسلامية المدعوم إيرانياً في الأنبار في العراق ، كما الملف النّووي الإيراني يُمثل أولوية أمريكية قصوى ، خصوصاً وثمة تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية تشيرُ الى أنّ إيران تُحقّق تقدماً ملموساً في برنامجها النووي رغم توقيع الإتفاق !
بالنسبة لجنوبنا ، وبأمانةٍ ، فقد خاضت قيادتنا في الإنتقالي أداءاً سياسياً متفرداً طوال الفترة المنصرمة ، ناهيك عن الفِعل العسكري على الأرض ، سواء في أحداث أغسطس ٢٠١٩م ، وهذه تَمخّض عنها مفاوضات الرّياض ، أو في الثّباتِ في جبهات شُقره / أبين مابعد أحداث أغسطس وحتى اليوم ، والأخيرة كان لصلابة قواتنا وجماهيرنا الجنوبية وتعبيرها عن ثباتها عند تَطلعاتها الدور الأكبر بهذا الصّدد ، كلٌ ذلك يُفرزُ للجنوب كجغرافيا وقضيّة دوراً محورياً ما في كل مايدور وسيدور في هذه الجغرافيا ، وهذا هو المُهم بالنسبة لنا كحنوبيين .
قيادتنا ، خصوصاً وأنّ أيٌ فِعلٍ مُباغت من الإصلاحيين للإطباقِ على مساحة من أرض جنوبنا - والمُرَجّح عدن - سوف يُغيّر كثيراً في المعادلة ، ومؤخراً ثمّة حشود إصلاحية ضخمة في شبوة ، كما هم لم يرحلوا من تُخوم شقرة بحسب التّوافقات الأخيرة ، وهذا يعني الكثير ولاشك ، أليس كذلك ؟!