د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

.الشباب اليمني والأحلام المجهضة !!

يمثل الشباب العربي نسبة  30% حسب التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة  من السكان  والذي يقدرّ ب 370 مليون نسمة.وفي اليمن يمثل الشباب 33%                                                                                         ولعلّ القاسم المشترك بين جلّ الشباب العربي هو حالة الترقب والانتظار الدائم لأشياء لا تأت ولا تتحقق، سواء على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، فكل فرد يحلم بتحسين ظروفه المادية والاجتماعية، وفي نفس الوقت يحلم بالعيش في مجتمع يحترمه ويوفر له سبل العيش الكريم ويضمن له حقوقه كمواطن لا مجرد رعية يخضعون للابتزاز والجباية القسرية  .
وغالبية رجال السلطة  في هذه المجتمعات،  تفتقد لآليات العمل الديمقراطي ولمقومات الدولة المدنية والحديثة، على اعتبار أن أغلب الدول، إمّا أنها دول دينية، تجعل من الدين مشروعيتها الوحيدة للوصول إلى الحكم، أو دول عسكرية وصلت إلى السلطة على الدبابات والطائرات الحربية في انقلابات عسكرية اغتصبت الحكم بالقوة والعنف وأزاحت كل من يعترض  سبيلها ولو وصل الدم إلى الركب !!
والحقيقة أنه لا  وجود لدولة مدنية حرة ومنتخبة.. يحق لكل المواطنين الحلم أن يصلوا ذات يوم لقيادتها ولكن أحلام الشباب تبخرت و جعلت علاقاتهم بالحكام متوترة بل قائمة على الخوف والخضوع بالقوة والإكراه، وتتسم أحيانا بالتمرّد الذي يواجه بالقمع والسجن.
أما  الأحزاب فقد أصبحت  مجرد "دكاكين سياسية" كما يصفها الرأي العام العربي سواء في اليمن أو غيره ، فهي حوانيت ودكاكين للبيع والشراء في القضايا والذمم وبيع الوهم للمواطنين، دكاكين تتوارثها عائلات محدودة، وهو الأمر الذي يسبب الإحباط في صفوف الشباب ويدفعهم إلى التشاؤم من المستقبل، فالمنطقة العربية وخاصة اليمن  تعيش على إيقاع النزاعات والصراعات القبلية و العرقية والمذهبية منذ زمن طويل وهي نزاعات تتسع رقعتها سنة بعد أخرى  وحلم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية بين مختلف الفئات الاجتماعية، الذي طبع شعارات "الربيع العربي" أجهض قبل أن يبدأ، وهذا درس يستخلص من كل الثورات الفاشلة في التاريخ، أو على حدّ تعبير" والتر بنجامين "ما من فاشية تولد إلاّ ويكون ذلك إثر ثورة فاشلة".
 في اليمن فإن  الانهيار الذي حدث للسلطة وأدى إلى احتلال صنعاء واستسلامها دون أي مقاومة  ذلك أنها  لم تسقط بسبب قوة الحوثيين وإنما بسبب الهشاشة والضعف في جانب السلطة، التي عشش فيها الفساد والوهن، حتى عجزت عن أن تنجز شيئا ذا قيمة حتى من توصيات وثيقة الحوار الوطني الشامل . ذلك أن المؤتمر الذي شارك فيه ممثلو كل القوى اليمنية (أكثر من 500 شخص) ظل أعضاؤه يتحاورون حول كل حاضر اليمن ومستقبله طوال عشرة أشهر، وبعد انفضاضه لم تحرك الحكومة ساكنا. وكل ما فعلته أنها جمدت مخرجات الحوار، ورفعت أسعار المشتقات النفطية، فأشعلت نار الغضب لدى الرأي العام. وهو ما اعتبره الحوثيون فرصة جعلتهم يطالبون بإقالة الحكومة وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني، وإلغاء قرارات رفع الأسعار. وفي ظل هذه المطالب تحرك مقاتلوهم فاحتلوا عمران، وبعدها طرقوا أبواب صنعاء وحاصروها، حتى باغتوا الجميع بالاستيلاء عليها .وحين هبت رياح الربيع العربي في عام 2011 خرج اليمنيون إلى الشوارع، وتحدوا نظام الرئيس  صالح. وبعدما أمضوا عاما تقريبا، وهم وقوف يطالبون بإسقاط النظام،  خرجت المبادرة الخليجية التي نحت الرجل عن منصبه ونصبت مكانه نائبه عبدربه  منصور هادي . في تبديل للمواقع أسقط الرجل ولم يسقط نظامه الذي لم يتغير فيه شيء. من ثم فإن أداءه ظل على سوئه الأمر الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه.وكما قال المفكر المصري فهمي هويدي :
(لقد شمَّ اليمنيون رائحة الربيع، ولم يتذوقوا طعمه. من ثم فإنهم ظلوا طوال سنوات ثلاث يتعلقون بوهم ربيع لم يبلغوه بعد.)
واليوم فاليمن كله يكتوي بنار الحرب ونحن في منتصف السنة السادسة ولهيبها يزداد ضراوة واشتعالا ومن الصعب إخماده .
د. علوي عمر بن فريد