محمد بالحمان يكتب:
وطني ينزف.. وطني جريح
الحرقة والألم التي يعيشها الإنسان يوماً بعد يوم في بلداً ماتت فيه الإنسانية والرحمة كم هو شئ عظيم لا يشعر به إلا من ذاق المر بعد حباً تاه به في عشق الوطن ، بلداً تاهت فيه طموحات الشباب واظمحلت أحلامهم ودُفنت تحتَ تُراب النسيان ، بلداً كلما تذكرت اسمه ذرفت عيناي شوقا لرؤيته مبتسماً ، وتقطع قلبي إربا يشكو من عدم إتصال أوردة البقاءِ به ، بلداً ضاعت فيه حقوق الملايين من الشعب الغلبان على أمره ، التعبان في حاله ، بلداً فيه ترى العجاب السافل يعتلي المناصب ، الأحمق يقود الناس ، الكاذب يدّعي الصدق ، الصادق يرتوي بالكذب ! لمَ أنت هكذا ياوطني ؟
كل المآسي في وطني الحبيب حلّت ، الكهرباء مقطوعة ، الرواتب معدومة ، الخدمات مشلولة ، الشبكات معلولة ، الحريات ممنوعة ، الأنفس موجوعة ! إلى متى ستكون بهذه الحالة ؟! لمَ أنت هكذا ياوطني ؟
معاناة أبكت الضاحك وأضحكت الباكي ، جذبت انتباه الغافل ، واغفلت ذهن المنتبه .. تلخبط ألم ، حرقة ، مأساة ، حرب ، فقر ، نزوح ، لجوء ، فساد ، كساد .. كل هذه موجودة في وطني الغالي الذي احتضني لسنوات ولا أنكر فضله علي ، لكنني أذكّره بأنّ فضله لم يكتمل بعدُ ، ف طموحاتي وطموحات الآلاف من مثلي لم تتحقق بعدُ ، ولم ترى النور بعدُ ! لمَ أنت هكذا ياوطني ؟
التكتم عن الفساد أصبح ظاهرة إيجابية شائعة لدى كل المدافعين عن الفساد والمفسدين ، الحديث بجرأة عند كل سلطان جائر أصبح في نظر الكثير قلة أدب وذوق ، حرمان الشعب من حقوقه أصبح عادة ، تهميشٌ للمتعلمين ، تطنيشٌ للمشردين ، وأحكي بما شئت عن موطني فإن كل المآسي به ملتصقة ، وفيه محتوية ، والمفر منهُ فكرة مستحيلة ! لمَ أنت هكذا ياوطني ؟
ونقول آخراً وليس أخيراً بأنّ الوطن رغم كل ما به فهو قويٌ ولديه القوة الكافية لينهض من جديد ، سيكبر موطني بسواعد الرجال ودعاء الأمهات ومحبة الأطفال وإرث الأجداد بإذن الله ، الوطن سيبقى أكبر من كل شي ، وأغلى من الأبناء والأحفاد ، ونقول لك ياوطني مثل ما قال الشاعرُ
بلادي لا يزال هواكِ منّي .. كما كانَ الهوى قبلَ الفِطامِ
أقبّل منكِ حيثُ رمى الأعادي .. رغاماً طاهراً دونَ الرّغامِ !