فيصل الصوفي يكتب:

أشتات.. عن المؤتمر في الداخل والشتات

باستثناء الأمين العام المساعد الدكتور أبو بكر القربي، لم نلحظ للمؤتمريين الذين نزحوا إلى الخارج منذ العام 2015 والأعوام التي تلته، أي فعل إيجابي لصالح حزبهم.. أعني حزب المؤتمر الشعبي العام.. أسوأ من ذلك أن بعضاً منهم يؤدون أدوراً تضر الحزب، وتضر علاقاته مع الآخرين، إما لقلة حذق، وإما لعلة ما.. ولا نريد القول إنهم يؤدون هذه الأدوار لجني مصلحة من هذا الطرف أو تلك الجهة، لدواعٍ اضطرارية أو قهرية، إذ إن بعضاً منهم يتطوع بالإساءة تحت متاعب شخصية، أو إجهاد نفسي جراء تجربة موجعة مع قيادي ما.. على أن هناك أشخاصاً قلائلَ لم يجدوا أمامهم طريقة أخرى للتكسب من هذا الطرف وتلك الجهة، سوى ادعاء الوصل بالمؤتمر أو برئيسه المغدور به، ومن ثم مهاجمة المؤتمر، كما في حالة محمد المسوري، الذي لم يبق على شيء من كرامته لسخائه المفرط في بذلها، وهو بالمناسبة ليس بمؤتمري، وقد روج بعض المشتغلين بالإعلام الاجتماعي أنه محامي الرئيس السابق، فاستلذ بذلك رغم أنه لم يكن سوى كاتب المحامي الحقيقي في القضية المعروفة -الهجوم الإرهابي الذي استهدف رئيس الجمهورية وكبار رجال الدولة أثناء أدائهم صلاة الجمعة في جامع دار الرئاسة- وذلك المحامي هو محمد البكولي.. هذه واحدة.

،،،

الثانية، كنا نتوقع من المؤتمريين في الرياض، والذين في القاهرة، وفي أبو ظبي، وفي لندن وغيرها، أن يأتمروا من أجل حزبهم الذي يحتاج إليهم في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى.. الموالون للرئيس هادي، بما في ذلك أحمد الميسري الذي ضرب بعصاه يمنة ويسرة، وأولئك الموالين لأحمد علي عبد الله صالح، والبقية الواقعة تحت تأثير سلطان البركاني، ورشاد العليمي.. هؤلاء ليس في طرقهم ما يحول دون اللقاء والتحول إلى كتلة واحدة، لإقالة حزبهم من حفرته، وإعلاء مكانته.. بدلاً عن البيانات والتصريحات الصدامية، كنا نتوقع منهم تخطيط وتنفيذ عملية اتصالية واسعة، هادفة مع الاشتراكي والناصري والبعث والمجلس الانتقالي في الداخل وفي الشتات، ومع الأحزاب وجماعات المصالح في البلدان التي يقيمون فيها، وكذلك مع المنظمات غير الحكومية الإقليمية الدولية، لتبادل المعارف والخبرات من جهة، ولشرح أهداف المؤتمر الشعبي، وتجربته السابقة، والأفكار والمواقف التي يتبناها اليوم من جهة أخرى. 

ذاك الذي ذكرنا فوق، يتعلق بالمؤتمر في الشتات.. في الخارج.. على أن في الداخل أيضاً شتاتاً وأشتاتاً:

المؤتمر الشعبي في المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية مغبون، حتى إنه كلما تكلم مؤتمري، أو صدر بيان من مؤتمر الجنوب أو الغرب أو الشتات، سارع مصدر في صنعاء إلى نفي صلة المؤتمر بالتصريح أو البيان، حذر انتقام الجماعة منه أو زيادة القيود.

أي مساحة جغرافية استكملت الجماعة الحوثية التفرد بها، حظرت أي نشاط فيها للمؤتمر الشعبي العام.. أيريد أحد منكم مثالاً؟ خذ.. محافظة صعدة التي كانت مؤتمرية خالصة ذات يوم قريب، تخلو الآن من أي فعل مؤتمري، وقيادة المؤتمر في صنعاء تدرك ذلك.. وفي المحافظات الجنوبية والشرقية يعامل المؤتمريون معاملة أسوأ من تلك المعاملة التي أخضع لها أهل الذمة في أكثر فترات التاريخ العربي- الإسلامي سواداً.. وحال المؤتمريين في تعز ليس أفضل من ذلك.. وفي مديريات الساحل الغربي الأماني كثر.. صوت يرتفع نحو السماء في أيام الزينة (المناسبات)، والثمرة لم تنضج بعد.

ربما نظر ناظر في ما قدمنا، فرأى أننا نسوق اليأس.. لا، نحن لا نعرف اليأس.. والمؤتمر الشعبي ليس بالذي يكسره صوت يائس، أو يحبطه بؤس بائس.. إننا بصدد التبشير بمزايا وفرص، لا تستثمر، وكنا نود لو تستثمر حتى من قبل نخب مؤتمرية قليلة العدد هنا وهناك.

قلت لقائد مهم في المؤتمر الشعبي ما مؤداه: يا أخي، هناك مشاعر إيجابية تجاه حزب المؤتمر يبديها قادة سياسيون، ورؤساء قوى سياسية واجتماعية، ومثقفون لأنهم خبروا وأدركوا خلال تجربتهم مع المؤتمر الشعبي أيام كانت الحكومة حكومته، إنه حزب يتعايش مع الجميع، خصيم للإقصاء، يحترم الحريات الدينية والفكرية كاحترامه للحريات العامة والخاصة، يدافع عن التعدد المذهبي دفاعه عن التعددية السياسية، وظل طول خمسة وثلاثين عاماً عامل توازن في الحياة اليمنية.. فتحركوا لتعزيز هذه المشاعر.. أما تتابعون حنينهم إليه منذ حاقت بالبلاد الأزمة السياسية، واستحكمت بهذه الحرب التي تسبب بها الملاعين أولاد الملاعين؟ أو على الأقل افعلوا شيئاً للإبقاء على هذه المشاعر راسخة.. اهتموا بقضايا المواطنين، والفئات المستضعفة، ليحصل الحزب على مشايعتها، فكل بياناتكم التي تصدرونها تعنى بأمور كثيرة لكن ليس من بينها قضايا الناس الذين تدافع عنهم الأمم المتحدة ودول الغرب في غيبتكم.. إلى متى ستظلون تهتمون بالمشايخ ورجال الدين والشخصيات التقليدية.. فهذه قلة قليلة، ولا نقول تجنبوها، بل نقول احرصوا على علاقة جيدة معها، فهي نصير.