د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

العرب بين مطرقة الأتراك وسندان إيران !‍!

هل التاريخ يعيد نفسه من جديد ؟ وهل سيصبح العرب ضحية لنظامين شعبويين بشعارات مختلفة وتحت رايات وأزمنة مختلفة ،وشخصيات متعددة ولكن هدفهم واحد هو استعمار العرب شعبا وأرضا ؟

وهل سيصبح العرب من جديد بين مطرقة تركيا بعباءة الخلافة العثمانية، إمبراطورية الأمة الطورانية التركية، وسندان إيران الفارسية بعباءة الولي الفقيه، التي ما هي إلا شعبوية فارسية تسعى لاستعادة ماضي كسرى.؟!!

التاريخ الحديث والقديم، شاهدان على ماضٍ بغيض وتركة مأسوية تركها الاستعمار التركي باسم الخلافة العثمانية، من نهب وسرقة، وجمع الجزية من شعوب مسلمة، لحملها للباب العالي، ناهيك عن التفنن في بشاعة القتل والتعذيب بالخازوق؛ الاختراع التركي البشع، وحالات الخطف للفتيات، ونقلهن إلى جناح حريم السلطان في الباب العالي، ليسطرَ التاريخ أسوأ حقبة استعمارية في تاريخ الشعوب، ولهذا كان إجماع عربي، على رفضٍ للتدخلات التركية والإيرانية، في اجتماع الجامعة العربية، إذ أكدت اللجنة العربية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية عدم شرعية الوجود العسكري التركي في الدول العربية، وضرورة سحب جميع قواتها من دون قيد أو شرط، خصوصاً من جمهورية العراق، ودولة ليبيا، والجمهورية العربية السورية.

فالنظام التركي بزعامة إردوغان، يحتل أجزاء من سوريا العربية وأجزاء من العراق، ويقيم الآن قواعد عسكرية في ليبيا لابتلاع ونهب ثروات البحر المتوسط.

فالنظام التركي يمتطي جماعة «الإخوان»، ويستخدمها كحصان طروادة، لاحتلال البلاد العربية لاستعادة الماضي الاستعماري العثماني البغيض، الذي كان السبب في تخلف البلاد العربية خمسة قرون متتالية وتأخرها التقني والحضاري.

النظام التركي لا يختلف كثيراً عن النظام الإيراني الذي سعى إلى تصدير الثورة «الخمينية» أو «الإسلامية»، كما يسميها، بنكهة صفوية، إلى دول الجوار العربي، وزعزعة السلم الاجتماعي فيها عبر تهييج النعرات الطائفية.

النظام الإيراني المختبئ في عباءة «ولاية الفقيه»، بدأ بالتآمر، بزعزعة أنظمة الحكم، والتدخل في شؤونهم، كما حدث في العراق و البحرين ، وفي اليمن بدعم ميليشيات الحوثي، وفي لبنان وسوريا عبر (حزب الله(.

هذه هي إيران التي بدأت عهدها كدولة حديثة باحتلال أرضٍ عربية " عربستان" التي ابتلعتها عام 1925، وقهرت أهلها، وقمعت كل انتفاضة مطالبة بالاستقلال. 

إن التاريخ التركي والإيراني مع العرب كان ولا يزال تحكمه أنظمة قمعية متطرفة تنظر للعرب نظرة دونية، رغم انتماء الجميع لدين واحد، وهو الإسلام، إلا أن مفهوم الفرس اليوم للإسلام لم يكن كمفهوم الصحابي المجاهد سلمان الفارسي، الذي أذاب الإسلام الفرق بينه وبين العربي القرشي خالد بن الوليد وغيره.

النظامان التركي والإيراني ما دام يتولى أمرهما قادة مثل علي خامنئي وإردوغان فلا يمكن أن يكون هناك تقارب عربي معهما في ظل عقلية شعبوية استعلائية استعدائية لا تؤمن بحق الآخر.

كما أن الأنظمة السياسية التقليدية العربية، لم تقم بإنجاز الحد الأدنى من الفكر الديمقراطي، ولم تسمح لمكونات المجتمعات المختلفة بالتنفيس عن الاحتقان السياسي والعقائدي والإثني لديها. بذلك عملت تلك الكتل التي تشعر بالغبن، مثل قنابل موقوتة، أيقظها مرور ربيع التغيير العربي عليها؛ مع إضافة نكهة من التدخل الخارجي. صارت ظاهرة انتشار الحروب الأهلية مثل مشاريع يُخطَّط لها في الخفاء، بدلاً من أن تكون مشاريع تحرُّر حقيقية، تخدم كافة مكونات المجتمعات الثائرة أو المنتفضة أو المتمردة!!

واليوم لا تلوح في الأفق بوادر أو معطيات، تشير إلى قرب حل للأزمات العربية يؤدي إلى أي انفراج. لا بل إن كل مشروع حرب له أنصاره وأتباعه ووسائل إعلامه ومواده التفجيرية. هنالك مشروع عام واضح يتجه نحو صوملة الأوضاع العربية، في كل قطر ثار أو انتفض أو تمرد على حكامه. الشعوب العربية منشغلة، بل غارقة في حروب من نوع البسوس، وداحس والغبراء. قياداتها لا تأبه لحشود اللاجئين والنازحين والقتلى والجرحى والخسائر الهائلة في الممتلكات والثروات الوطنية، المرحلية والإستراتيجية.

المدن والبلدات العربية أولى ضحايا الحروب الأهلية العربية. ما على المستطلِع إلا أن يمر بالمدن والبلدات اليمنية والعراقية والسورية والليبية، وبدرجة أقل نظيراتها في الدول العربية الأخرى التي مر بها ربيع التغيير حتى الآن. الثروات العربية هي الضحية الأخرى، وفي مقدمتها البترول العربي الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد العربي الحديث.

د. علوي عمر بن فريد