د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
رحيل الأحبة الشيخ أحمد فريد الصريمه
ذاكرة الإنسان صغيرة جدا ولكنها تحفظ آلاف الصور والذكريات التي نحبها ..صور أحبابنا ووجوه أهلنا وإخوتنا وأصدقائنا وأعزاء على قلوبنا التقينا هم في رحلة العمر وتبقى صورهم عالقة بأرواحنا تنبض بداخلنا كلما شعرنا بالحنين إلى الماضي وكلما خمدت أوقدها الحنين ونتذكر من فارقونا من أحبتنا وفي الأول من غرة رمضان عام 1438هجرية تمر الذكرى السنوية الرابعة على رحيل العزيز الغالي الشيخ أحمد بن فريد الصريمه ..وها نحن اليوم نتذكره ونستعيد شريط الذكريات واللحظات الجميلة التي عشناها معه وكيف ننساها وقد حفرت في خلايانا والتصقت بذاكرتنا جميعا ولن ننسى يوم وفاته وقد مرت 4 سنوات على رحيله نعم نتذكره وفقده يؤلمنا خاصة نحن أهله وعشيرته الأقربون بل وكل أحبابه وأصدقائه الذين رافقوه في حياته ..كنا نرصد مسيرته ومحطات السنين التي عشناها معه وعرفناه حق المعرفة حتى عندما يغضب أو يثور ويخاصم في فورة غضبه ينفجر كالبركان إلا أنه سرعان ما يهدأ ويسامح .. فقلبه أبيض عف اللسان عزيز النفس كريم الخصال شهم شجاع إذا ادلهمت الأجواء وثارت المعارك نجده يتقدم الصفوف الأولى كما عودنا ..شديد البأس قوي الشكيمة لا يهاب ولا يخاف كأن قلبه شق من شوامخ كور العوالق وكنا نجد صوته يزمجر حمية وبسالة حتى في أحلك الظروف !!
كان أحمد من أشجع من رأيت في حياتي ..كما يمتلك سجايا النبل ويرفض الضيم وينكر الباطل ولا تنكسر إرادته ، قلبه قلب نمر يهابه الخوف ويتراجع الألم أمام صلابته وشدة بأسه ..يحترمه خصومه قبل أصدقائه ..يملك من الحكمة ذروتها ومن النسب هامته ومن الشرف رفعته ومن الكرم سنامه ومن القبيلة شجاعتها وحكمتها ومن الأخلاق رفعتها وتسامحها وعفويتها ومن الإرادة قوتها وصلابتها ،نهل من جامعة لندن علوم المحاماة وحججها وفنونها وامتلك من السياسة خفاياها وأسرارها وأتقن لغتها وعرف كبار رجالها من ذوي المناصب الرفيعة واكتسب خبرات لا تقدر بثمن !!
جمع بين المال والأعمال والسياسة وكان قدره أن يسير بينهما في خطين متوازيين يسير مع أحدها تارة ويترجل عنه ليمتطي الآخر في تبادل مستمر حسب الأحوال والأهوال وتقلباتها هكذا كان قدره ومكانته طوال حياته ..عاش حياته بين الجنوب مسقط رأسه ولندن مهد علمه وثقافته وبين السعودية التي دعمته وساندته و سلطنة عمان التي أحبها ونجح فيها وشق طريقه بعرقه وكفاحه في مجال المقاولات ..أحب عمان وأهلها وناسها وأرضها فكانت وطنه الثاني وأستقر فيها وبرع في أعماله حتى أذهل من حوله ونجح نجاحا باهرا وكون ثروته بعرق جبينه ..وإذا تواجد في واحد من مشاريعه العديدة لا يمكن لمن يراه أن يميزه عن واحد من العاملين في مشاريعه لبساطته وخشونته وأنا هنا في هذه المناسبة لا أقول هذا الكلام تزلفا أو نفاقا فهو الآن في رحاب الله .. فأحمد تجمعني به صلة النسب والبيت الواحد فهو من عظم الرقبة وواحد من أبناء العمومة الذين عرفتهم عن قرب وعندما أسجل هذا الكلام لا أنتظر الثناء من أحد ولكنني أقول ما يمليه علي ضميري وأن أصدع بقول ما أعرف عن هذا الرجل النبيل الذي حمل هموم وطنه الجنوب العربي بين فؤاده وحنايا ضلوعه وأحب ترابه وكان يتمنى أن يخدم وطنه من مركز المسؤولية ولكن تيارات السياسة وصراعاتها في اليمن كانت تسير في اتجاه معاكس .. ويكفي أحمد شرفا أنه دافع طوال حياته عن المظلومين والمكلومين .. وكانت يداه نديتان بالجود والكرم تقدمان الخير والعطاء والمواساة لكل من يلجأ إليه سواء من يعرفه أو من لا يعرفه وله مواقف لا تنسى في كفالة الأيتام والأرامل والضعفاء والمحتاجين وكان يتبرع من حر ماله لمواساة المرضى والفقراء والمعوزين .. لا يرد من يقصده ولا يرد طالبا أو محتاجا أو ملهوفا إلا أعانه وواساه وأرضاه فامتلك القلوب بكرمه ونبل أخلاقه .
واليوم وفي ذكرى رحيل أحمد السنوية الرابعة من الواجب علينا أن ندعوا له ونتذكره ولا ننسى أن نشيد بشقيقه الوحيد الشيخ صالح فريد الصريمه أطال الله عمره الذي يحمل مشعل أخيه الفقيد أحمد وهو لا يقل عنه نبلا وكرما ومقاما كما نوصي أولاد الشيخ أحمد بترسم خطى والدهم وتكريس خصاله النبيلة التي غرسها فيهم كما لا يفوتني في هذه الذكرى الأليمة أن أنوه بحكمة وحنكة شيخ العوالق العليا وعميد أسرة آل فريد بن ناصر الشيخ محمد فريد بن محسن أمد الله في عمره كما أواسي كافة قبائل العوالق في هذه الذكرى الأليمة ولكن الموت حق وقدر محتوم علينا جميعا والقصد هو إحياء الطباع النبيلة والخصال الحميدة في نفوس أجيالنا القادمة توسيا بقول الشاعر السمؤل الذي قال :
إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول
وما أخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل
وختاما أقول : لقد فارقتنا يا أحمد ولكنك بقيت متربعا في قلوبنا وذكراك ما زالت حية تنبض في وجدان كل فرد فينا ومرسومة بفخر في صدارة تاريخنا .. رحلت عنا ولكنك بقيت معنا في أكناف أرواحنا وسنظل نتذكر خصالك ومآثرك النبيلة ونستلهم منها مواقفك الشجاعة علها تصبرنا على فراقك ..فنم قرير العين ونسأل الله جلت قدرته أن ينزل عليك شآبيب الرحمة والمغفرة والرضوان ، وأن يجمعنا بك في مستقر رحمته في جنات الخلد التي جعلها الله جزاء للصابرين الشاكرين الحامدين من عباده المؤمنين ونسأل الله أن نكون وإياك منهم ..وهذا عزاؤنا في ذكرى السنة الرابعة لرحيلك ونسأله تعالى أن يغفر لناولك وأن يشملنا بعفوه وأن يحشرنا مع المؤمنين المقبولين والصالحين من عباده انه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين .
د. علوي عمر بن فريد