د. خالد القاسمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

من 1969 إلى اليوم: ليبيا أسيرة الانقلابات والإحباط وفقدان الأمان

خرجت مدن ليبية مؤخراً لإحياء ذكرى الفاتح من سبتمبر 1969،  ذلك الإنقلاب الذي قاده معمر القذافي ضد الملك إدريس السنوسي، ومنذ سقوط نظام القذافي، ومقتله في 20 أكتوبر 2011 بتلك الطريقة الوحشية التي شاهدها الجميع، لا زالت ليبيا تعيش حروب الميليشيات المسلحة في غرب البلاد، والفوضى والفساد المالي والإداري، ناهيك عن فقدان أهم ركائز الإستقرار السياسي والإقتصادي وهو  الأمن والأمان .

زرت ليبيا عدة مرات بدعوة من الحكومة الليبية لحضور إحتفالات الأعياد الوطنية بين الأعوام من 2008 إلى 2010، وفي شهر مارس 2010  دعيت من الأمانة العامة للثقافة للمشاركة في موسوعة عن التاريخ الليبي عبر مختلف العصور، ومكثت أكثر من شهر هناك، تجولت من طرابلس إلى مصراتة إلى سرت وبنغازي شرقا، وآخر محطاتنا كانت مدينة سبها جنوباً .

في الحقيقة يأسرك جمال ليبيا بمختلف تضاريسها، شواطئها الجميلة، سهولها ووديانها وباديتها التي لا زالت على طبيعتها الجميلة، في الشرق الليبي سحر غير عادي يأسرك جمال البيضاء وآثار شحات الرومانية، والجبل الأخضر وذكريات جهاد عمر المختار ورفاقة للإستعمار الإيطالي لمدة 20 عاما منذ 2011 .

ولعل ما يهمنا هنا  بساطة الشعب الليبي وأخلاقة العربية الراقية، وإمتداد تلك القبائل العريقة من الجزيرة العربية إلى ليبيا وتونس والشمال الأفريقي، إمتداد عروبي واحد عبر التاريخ والفتوحات الإسلامية المجيدة .

وفي ظل الفوضى العربية 2011، والتي أجتاحت بلداناً منها ليبيا، بادرت بالتواصل في تلك الفترة مع قناة الجماهيرية مرات عديدة، لحث أبناء الشعب الليبي في الشرق والغرب لضرورة التفاهم، والتوصل إلى حلول يتنازل من خلالها الطرفان لتفويت الفرصة لأعداء الشعب الليبي، حتى لا تضيع ليبيا وتدخل في دوامة من الصراعات التي لا تنتهي، لكن لم يكن آنذاك آذان صاغية  كان أزيز الرصاص ودعوات القنوات العربية للفوضى هي اللغة السائدة للآسف، وهكذا منذ 2011 وحتى اليوم أكثر من 15 عاماً وليبيا تعيش الفوضى والإقتتال في تصارع ميليشيات الإسلام السياسي .

نتمنى عودة الأمن والإستقرار لأهلنا وأخواننا في ليبيا، وهم يعلمون إذا ما أتحدث كلمة قبائلهم فإنهم قادرون على إنهاء حالة الفوضى والإنقسام، مثلما أتحدوا في مواجهة وطرد الإحتلال الإيطالي من بلادهم في الماضي القريب .