عبدالرزاق الزرزور يكتب لـ(اليوم الثامن):
إيران على أعتاب التغيير.. صمود الشعب يواجه نظام الملالي ويفجر فجر الحرية
شهدت التطورات الأخيرة في إيران لا سيما خلال العام الماضي فصلاً جديدًا في تاريخ نضال الشعب الإيراني ضد الاستبداد الديني الحاكم.. هذه الحركات التي غالبًا ما بدأت بإشعال شرارة الاحتجاجات في الشوارع وبحضور منقطع النظير للنساء والشباب لا تعكس فقط استمرار الاستياء الاجتماعي والاقتصادي العميق بل أيضاً هي دليل ساطع لا يمكن إنكاره على تصاعد المواجهة بين الشعب والنظام، وما يبرز في هذا السياق أكثر من أي وقت مضى هو الدور المحوري وغير المسبوق للنساء في قيادة هذه النضالات؛ نساء أصبحن رغم القمع الشديد والمنظم رائدات على طريق التغيير ورمز الأمل بمستقبل ديمقراطي لإيران.
لقد سعى نظام ولاية الفقيه منذ تأسيسه إلى إخضاع المجتمع وخاصة النساء باستخدام أدوات أيديولوجية وقمعية وإقصائهن عن الساحة الاجتماعية والسياسية.. لكن ما يُشاهد على أرض الواقع هو رد فعل عكسي وتعزيز لإرادة لا تلين في المقاومة؛ فمن انتفاضة نوفمبر 2019 إلى الانتفاضة الشاملة عام 2022 والاحتجاجات المتفرقة والمستمرة في الأشهر الأخيرة كانت النساء الإيرانيات في طليعة الكفاح، ولم يقتصر دورهن على الوقوف في وجه القوانين الرجعية للحجاب الإجباري بل تحولن بوجودهن الفعال في الشوارع والسجون وشبكات التواصل الاجتماعي إلى المحرك الرئيسي للحركة.. هذه المقاومة تتجاوز مجرد احتجاج بسيط؛ إنها ثورة ثقافية واجتماعية تتحدى الأسس الفكرية والهيكلية للنظام.
يجد النظام في مواجهة هذه الانتفاضات لا سبيل له إلا بتصعيد القمع والاعتقالات.. فمن إصدار أحكام قاسية بحق المحتجين والنشطاء السياسيين إلى الإعدامات العشوائية، وكلها محاولات يائسة لإرهاب الشعب وإخماد شرارة المقاومة.. لكن التاريخ أثبت أن القمع لا يؤدي إلا إلى تأجيج الكراهية وزيادة الدوافع لمزيد من النضال، ولقد أكدت المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي مرارًا أن هذا النظام غارق في مآزق داخلية وخارجية ولا يملك مخرجًا، فالأزمة الاقتصادية، والعزلة الدولية، والأهم من ذلك كله الاستياء الداخلي المتزايد.. وكلها عوامل تعمل على تقويض أركان الحكم يومًا بعد يوم.
في هذه الظروف يكتسب دور منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي أهمية حيوية.. فمن خلال الاعتماد على شبكة واسعة من المقاومة الداخلية وقواعدها الشعبية الداعمة التي لا يقتصر دورها على المساعدة في تنظيم النضالات وإنما تقدم رؤية واضحة للحرية والديمقراطية للشعب من خلال برنامج شامل لمستقبل إيران.. وقد أكدت مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمقاومة مرارًا أن النساء لن يكنّ رائدات في النضال فحسب بل سيضطلعن بدور محوري وقيادي في مستقبل إيران الحرة.. هذه الرؤية لا تمنح النساء دافعًا أكبر للنضال فحسب بل تدفع المجتمع بأسره نحو قبول مجتمع قائم على المساواة والديمقراطية.
تُظهر التجربة التاريخية أنه لا دكتاتورية تدوم للأبد.. ونظام ولاية الفقيه لن يكون استثناءً من هذه القاعدة؛ فما يجري في إيران اليوم ليس مجرد احتجاج مؤقت بل هو "انتفاضة كامنة" يمكن أن تتحول في أي لحظة إلى ثورة عارمة..
إن الوجود الحماسي والمنظم لوحدات المقاومة التي تتألف من الشباب والنساء الرائدات هو دليل على هذه الحقيقة هذه الوحدات المستلهمة من قيادة المقاومة ومعتمدة على تجارب الماضي تستعد للحظة مصيرية تقتلع فيها أركان هذه الدكتاتورية.
مستقبل إيران ليس في أيدي نظام قمعي بل في يد المقاومة البطولية لشعبها وخاصة نسائها هذا النضال بالاعتماد على مبادئ الديمقراطية والعدالة والحرية لن يؤدي فقط إلى إسقاط النظام الحالي بل سيمهد الطريق لبناء إيران جديدة وحرة؛ إيران ستكون فيها حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين من المبادئ الأساسية للحكم.. الأمل بهذا المستقبل هو شعلة تنير طريق النضال كل يوم أكثر من سابقه.
عبدالرزاق الزرزور - محامي وناشط سياسي سوري


