فادي عيد يكتب لـ(اليوم الثامن):

قراءة في إغتيال رئيس تشاد إدريس ديبي

أعلن الجيش التشادي صباح الأربعاء وفاة رئيس البلاد إدريس ديبي فجأة على إثر اشتباكات مع متمردين في شمال البلاد، وعلى أثر ذلك قرر الجيش إجراء انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها 18شهر، على ان يدير البلاد بتلك المرحلة مجلسا عسكريا بقيادة الجنرال محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل.

 

والأن نقرأ ما بين سطور ذلك المشهد الغريب، وبداية لم نسمع أن هناك رئيس دولة بالعالم يشارك الجيش في عمليات القتال كأي جندي بالجيش، خاصة وان إدريس ديبي تخطى الـ68 عاما، وحالته الصحية متردية.

وما يزيد علامات الاستفهام على ذلك المشهد المريب بان إدريس ديبي شارك الجيش بحملته ضد المتمردين في اليوم الأول من ولايته السادسة، وكان مقرر في ذلك اليوم ان يلقي خطابه للشعب بمناسبة فوزه بالولاية السادسة، بعد اعلان فوزه بالرئاسة قبل وفاته بـ24 ساعة فقط.

 

أما ما يثير الدهشة أكثر من كل ما سبق وهو في اللحظة التي أعلن فيها الجيش وفاة إدريس ديبي وليس القصر الرئاسي تم إعلان تشكيل مجلس عسكري لادارة البلاد، برغم ان الدستور التشادي ينص على ان رئيس البرلمان يتولي مهام الرئيس في حال وفاة رئيس الدولة، وهذا يعني بكل وضوح ان كل ما حدث عقب إغتيال إدريس ديبي كان معد مسبقا.

 

ومن المعلوم ان إدريس ديبي هو صنيعة جهاز المخابرات الفرنسية، ونتذكر جميعا كيف انقذته فرنسا من محاولات الإنقلاب عليه في عامي 2006م و2008م، وكيف كان كل مرشح للرئاسة الفرنسية ينتقد ديبي قبل تولي الرئاسة، ثم يمتدحه بعد دخول قصر الاليزية.

 

فعلى مدار ثلاثة عقود من الفساد والقمع لأطول الزعماء حكما في أفريقيا إدريس ديبي، كانت الصحافة الغربية تتجنب توجيه النقد للرئيس التشادي الذي غير نصوص دستور بلاده كي يسمح له الدستور لحكم البلاد حتى عام 2033م.

 

ولذلك ما حدث في تشاد قد يعد إنقلاب على باريس، إلا وان كانت باريس نفسها قررت التخلص من إدريس ديبي الذي صار عبئ عليها، بعد ان وقف الشعب التشادي كله في خندق المعارضة، ورفض بقاء إدريس ديبي في الحكم.

 

اما عن تداعيات ما يحدث في تشاد على دول الجوار لها، فالأمر قدج يكون غاية الخطورة على ليبيا أولا ثم الجزائر.

 

فليبيا تأثرت بالصراع بين ديبي والمعارضة، ويكفي أن قوات المعارضة المسلحة للرئيس التشادي الراحل تتمركز في الجنوب الليبي، كما أن ديبي تدخل بشكل مباشر في الصراع الليبي نفسه.

 

اما عن الجزائر، فلم يكن لرئيس تشاد الراحل تأثير عليها سابقا، ولكن قد يكون مستقبلا بعد وفاته!

فما حدث في تشاد أثار قلق الجزائريين في ظل تخوف الشعب هناك من عودة العسكريين للسلطة بأي وقت، بالتزامن مع عودة المظاهرات للجزائر مجددا، وان كانت المظاهرات الأولى دوافعها وادواتها داخلية، فالمظاهرات الحالية دوافعها تصفية حسابات داخلية وأدواتها خارجية بحتة.

 

 - محلل سياسي متخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا