د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

حديث الذكريات (15).. طرائف وذكريات في مدرسة زنجبار !!

أحاول استرجاع شريط الذكريات لتلك الأيام الجميلة من أيام الدراسة في متوسطة زنجبار التي كنت ولا زلت أعتبرها "جامعة صفيرة  " وليست مدرسة متوسطة فشتان بين الأمس واليوم في منظومة التعليم في الجنوب  الذي تدهور بشكل مريع وبائس بعد حرب  عام 1994م حتى انقلبت مفاهيم التربية والتعليم !! 
منذ بداية الفصل الأول في  المدرسة  المتوسطة كان الطلبة يدرسون  في مادة اللغة الانجليزية سلسلة "النيومثد"  "والبرايمر" قبلها وهي عبارة عن سلسلة تتكون من عدة أجزاء وكانت من مقررات المنهج الانجليزي المعتمد في بريطانيا ..ومن الطرائف التي مرت علينا أننا في العوالق لم ندرس في الرابعة الابتدائية أي حرف أو كلمة انجليزية من قبل عكس طلبة زنجبار والإمارات الجنوبية الأخرى الذين يأتون إلى المتوسطة وقد ألموا بالمبادئ الأولية وكنت شخصيا قد واجهت صعوبة شديدة في فهم اللغة الانجليزية في الشهور الأولى رغم أن من كان يدرسنا واحد من أفضل وأكفأ  المدرسين وهو الأستاذ القدير أحمد سالم سعد من شقرة وهو متخرج للتو من كلية عدن آنذاك التي لا يدخلها إلا الفطاحل ..وأعترف أنني وزميلي عبد الصمد من شقرة قد أتعبناه وأرهقناه معنا لعدم استيعابنا وفهمنا للغة الانجليزية وكنا نجلس في آخر الفصل ورغم ذلك كله فقد صبر علينا واستوعبنا إلى أقصى حد ممكن !!
وكان زملاءنا  يسخرون منا ويتهكمون علينا ويتهموننا بالغباء  وعدم الاستيعاب  وكان علي أن أختار بين الدراسة أو كرة القدم  فقد  كنت سابقا كابتن مدرسة الصعيد الابتدائية وقلب هجوم وكان أمامي خيارين  لا ثالث لهما :
 -إما التفرغ للدراسة واعتزال الكرة - وإما تنمية مواهبي في اللعب حتى التحق بفريق المدرسة الذي كان يضم أبرع اللاعبين في كرة القدم ؟!!
 وقررت الخيار الثاني وهو :  الاعتزال النهائي  لكرة القدم   حتى أستطيع مجاراة زملائي في الدراسة وكان ذلك أفضل قرار  !!
إلى جانب  ذلك  كله  كنت ضعيفا  في مادة الحساب  مما زاد الطين بله وذلك لأن المناهج في المرحلة الابتدائية لم تكن موحدة في الامارات الجنوبية ..وبدأت أعاني في السنة الأولى متوسط  ..ومضى قرابة الشهر ونصف وأنا على هذا الحال ..إلى أن كان ذات يوم ابلغنا الأستاذ أحمد سالم سعد  بأنه سيجري لنا اختبارا في اللغة الانجليزية الأسبوع القادم في مادة الإملاء في المقرر (dictation )..وأسقط في يدي ولكنني أنصت بكل جوارحي لنصيحة أستاذي الذي قال :
عليكم بحفظ حروف الكلمات صم ثم كتابتها من الذاكرة !!
التقطت كلماته وتفرغت لحفظ الاسبيلنج " التهجي " لكل كلمة درسناها طوال أسبوع
وجاء ت الحصة الأولى يوم السبت وأملى علينا أستاذنا 20 كلمة... وفي نهاية الحصة جمع دفاترنا وذهب إلى مكتبه للتصحيح !!
وفي الحصة الثالثة عاد إلينا لتوزيع الدفاتر وبدأ بالقول :
هل تعلمون من أحرز أعلى علامة فيكم ؟؟!!
فقالوا: من يا أستاذ أحمد ؟؟!!
وكان في الفصل أكثر من 32طالب منهم عشرة مبدعين ..فقال لهم : لن تصدقوا ؟؟!؟!!!
وبعد أن ألحوا عليه قال : طالب يجلس في آخر الصف ولم أتوقع أنه سيحرز هذه العلامة وهي 17 من 20 كأفضل علامة في الفصل !! 
قالوا من هو ؟ قال: علوي عمر !!!!...تلفت الجميع نحوي وهم ينظرون باستغراب شديد غير مصدقين فرفع أمامهم الدفتر وسط دهشة  الجميع ..وكانت تلك نقلة نوعية والفضل لله ثم لأستاذي القدير أحمد سالم سعد الذي أدين له بتلك القفزة النوعية الهامة ..ومنذ ذلك اليوم أخذ يشجعني حتى أصبحت من أفضل 5 طلبة في اللغة الانجليزية !!
وللحديث بقية وهو ذو شجون
د. علوي عمر بن فريد