د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
حديث الذكريات (23).. دور السينما في عدن
كنا نذهب في المساء أحيانا إلى سينما "بلقيس" الواقعة في حقات والقريبة من الساحل، لصاحبها جعفر ميرزا، المكونة من ثلاثة أدوار، وتذاكرها الأغلى سعرا وكانت لها فخامتها آنذاك والوحيدة من بين دور العرض في عدن التي مقاعدها مرقمة وفيها تكييف هوائي مركزي التي تعمل بواسطة مضخات تسحب من ماء البحر لتدفع الهواء البارد وعرفت في الخمسينيات (Child Water plant).وتمتعها بقربها من البحر فكانت كثير من الأسرالعدنية عند مغادرتهم مسبح حقات يتوجهون إليها مباشرة كواحد من طقوسهم للاستمتاع بيومهم .
ولدى عشاق الأفلام الهندية سينما تسمى بـ"برافين" وهي قريبة من السينما "الأهلية" ومقابلة لبلدية كريتر، كانت تعرف عند العامة بسينما "البنيان" لشهرتها بعرض الأفلام الهندية، ولا ندخلها لأن أفلامها بلغة الأوردو وليست مترجمة بالعربية !!
وكذلك سينما "راديو" سميت نظرا لتصميم مقدمة مبناها على شكل مذياع، وهي إحدى دور العرض التابعة لمستر حمود وما يميزها عن بقية دور السينما أن مساحتها كبيرة ومقاعدها كثيرة، والتي كانت آنذاك تعتبر الأكبر من بين دور العرض في عدن، وتقع بالقرب من الملعب الرياضي الشهير وسوق ناصر للخضار بشارع السواعي في المعلا.
ويتذكر الجميع ممن شاهدوا واستمتعوا بالأفلام التي عرضت آنذاك في ذلك الزمن الجميل وقد ذكرها الكاتب نجيب اليابلي عندما وثق أسماء الأفلام التي كانت ولا زالت مسكونة في ذاكرة الناس منها من الأفلام الهندية:
( سانجام - وقت- اويكار "الأرض"- م كمال- غيروا من هذا المجتمع ) ومن الأفلام الانكليزية ( الطيب السيئ القبيح - الهروب الكبير- أعمدة الحكمة - صوت الموسيقى - الجسر على النهر "كواي" - وقصة مدينتي ) ومن الأفلام العربية: ( عنتر وعبلة - عنتر يغزو الصحراء - أمير الانتقام - رصيف نمرة خمسة - لحن الخلود - في بيتنا رجل - الوسادة الخالية – واسلاماه - خالد بن الوليد - جميلة بوحيرد – الخطايا - ومعبودة الجماهير- والشموع السوداء - والورود البيضاء - حبي في القاهرة للفنان الموسيقار أحمد قاسم مع زيزي البدراوي وتوفيق الدقن والذي كان أول فيلم لعدن على مستوى الجزيرة والخليج صوّر بالقاهرة) .
سينما شهيناز :(ريجال )
وتقع على طريق خور مكسر المؤدي إلى المعلا و تقوم بعرض أفلام غربية فقط، وخاصة أفلام الغرب الأمريكي والكاو بوي وكان معظم روادها من الأجانب والضباط والرعايا الانجليز والطبقات المختلفة منهم العرب، وسميت فيما بعد بسينما (ريجال ) ويمتاز روادها بالأناقة وحسن الهندام وربطة العنق"، وكانت تحجز مقاعدهم مسبقا !!
(حسب رواية الأستاذ خالد با راس _ عدن الغد)
سينما هريكن :
هريكن تعني "العاصفة" وهي اسم طائرة بريطانية كانت تدافع عن عدن ضد الطائرات الايطالية في الحرب العالمية الثانية ويسمونها أيضا سينما مستر حمود وهو صاحبها وأسسها محمد حمود الهاشمي، ولا تزال قائمة حتى يومنا هذا مقابل محطة البترول في الميدان.
كنت وابن خالي الشهيد أحمد عبد الله مجلبع رحمه الله نرتاد هذه السينما كلما حضرت من زنجبار أثناء العطل الأسبوعية المدرسية.. وكان شهما كريما .. حيث ندخلها مبكرين قبل أن يبدأ العرض في السابعة مساء،
وتتكون من الصالة الواقعة بعد المدخل مباشرة ويدخلها العامة والعمال وتكون مزدحمة للغاية ويعلو فيها الصفير والتصفيق خاصة عندما يبدا العرض ب" الجريدة العربية " والتي تنقل نشاطات واستقبالات الرئيس عبدالناصر وأخبار مصر السياسية ويزداد الصفير حدة عندما يطل الرئيس عبد الناصر بقامته المهيبة ويحيي الجماهير التي تكون في استقباله والمشاهد الأكثر إثارة التدريبات الحية التي كان يقوم بها رجال الصاعقة المصرية عندما يمسكون بالثعابين ويقطعون رؤوسها ويسلخونها ثم يشوونها على النار و يأكلونها ... وفي الدور العلوي المكان الأرقى والأفضل "البلكونة " في سينما " هريكن" المكيفة بشكل أفضل وسعرها أغلى ولا يدخلها إلا الطبقة المتوسطة والراقية وإطلالتها أفضل لقربها من الشاشة إضافة إلى الهدوء والنظافة ..
ثم يبدأ عرض الفيلم السينمائي وقد شاهدت في تلك السينما العديد من الأفلام العربية حيث أنها لا تعرض الأفلام الأجنبية – ومن تلك الأفلام:
أبو حديد – صراع في الوادي - حسن ونعيمه الخ
بعد نهاية العرض نخرج من سينما هريكن إلى الساحة المقابلة لها في كريتر والتي تنتشر فيها المطاعم الشعبية في الهواء الطلق على ضوء " الأتاريك " وعادة ما نتعشى في تلك المطاعم والتي كانت تقدم وجبات لذيذة منها: لحم رست – روتي – شاي – ماء بارد.. الخ.. وأسعارها مناسبة وبعد العشاء نتوجه إلى الميدان ونصعد إلى الباص المتجه إلى – خور مكسر - الشيخ عثمان ويمر بنا في نفس الطريق التي أتينا منها-
د. علوي عمر بن فريد.