مشاري الذايدي يكتب:
تييري هنري يسدّد الكرة ضد السوشيال ميديا
تييري هنري، النجم الفرنسي العالمي لاعب كرة القدم، والمدّرب، وأحد رموز اللعبة دولياً، اتخذ قراراً مؤخراً، جذب انتباه وسائل الإعلام.
قرّر هنري حذف كل حساباته الشخصية على منصات السوشيال ميديا، احتجاجاً على عدم تعاملها؛ «تويتر» و«إنستغرام» و«فيسبوك» وغيرها، مع التعليقات العنصرية ضد السود. لا شك أنَّ العنصرية، بكل صورها، سلوك قبيح ومرذول أخلاقياً، وغبي علمياً، وخاطئ سياسياً، ومن واجبات الشخصيات المؤثرة تزخيم الرسائل الأخلاقية لكل الجماهير، فشهرتهم، ومحبة كثير من الناس، لهم، تختصر الوقت والجهد لتوصيل الرسائل.
عن تجربته هذه، قال تييري هنري لشبكة «سي إن إن» الأميركية إنَّ عدم الحضور على «إنستغرام» أو «تويتر» خلال الأسابيع القليلة الماضية كان رائعاً. مفسّراً موقفه هذا بالقول: «إذا خرجت عن وسائل التواصل الاجتماعي، كما تعلم، فقد اتخذت موقفاً من أجل الأشخاص الذين ربما ليس لديهم صوت، حسناً، إنه نوع من العار ألا يتفاعل الناس».
لم يتفرّد النجم الفرنسي الأسمر هنري بموقفه هذا، فقد تشاركت الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، ودوري كرة القدم الإنجليزية، والدوري الممتاز للسيدات في مقاطعة السوشيال ميديا لمدة 3 أيام.
خطوة رمزية، لكنها مؤثرة، حتى هنري يعلم رمزية خطوته بمقاطعة التواصل الاجتماعي على الإنترنت، ويقول: «أدركت أن مجيئي قد يخلق موجة صغيرة في وسائل الإعلام، وقد حدث ذلك، وجعل الناس يجيبون عن بعض الأسئلة. والآن، رأيت ما كان يحدث وما سيحدث في عطلة نهاية الأسبوع... حسناً، إنها بداية، ربما ليس هذا العام، ربما ليس في غضون عامين، وربما ليس في غضون 3 سنوات. ربما قد لا نراه، لكن عليك أن تفعل شيئاً أثناء مرورك».
بين حرص الشركات المالكة لمنصات السوشيال ميديا على تكثير المشتركين وتوسيع الدائرة وعدم المساس بهم، وبين أدوار التوجيه والتدخل السياسي والقيمي، تقع معركة تييري هنري. وقد أصدرت «تويتر» و«إنستغرام» تعليقات تؤيد هنري وتعد بالتدخل. لكن ثمة سؤال حاضر، ماذا لو كانت المعركة من طرف شخصية أخرى، وكان موضوع المعركة، مثلاً، التصدي «لتطنيش» شركات السوشيال ميديا التعامل مع حسابات داعمي الإرهابيين، وقتلة المدنيين، ومفجري المقرات الحكومية والكنائس والمساجد في مصر وسوريا واليمن وليبيا والعراق وأفغانستان والسعودية والخليج وكل العالم؟!
حسابات تسوّغ عمل حملة المفخخات وباعثي الانتحاريين، بأنَّها معركة ضد الديكاتورية ومع الحرية... هل ستتحمس إدارات السوشيال ميديا لملاحقة وحذف هذه الحسابات كما فعلوا مثلاً مع أنصار دونالد ترمب، بل مع ترمب نفسه؟! وهل كانت «سي إن إن» ستجري المقابلات مع محاربي حسابات التأييد للمتطرفين والإرهابيين؟!
العنصرية قبيحة، بكل أشكالها وتجب محاربتها بلا هوادة، هذا لا ريب فيه، لكن الفتنة والقتل... أعظم قبحاً منها وأجدر بالمحاربة... لو كانوا يعقلون أو ينصفون.