علي محمد السليماني يكتب:

ملحمة التوافق الجنوبي !

 تعد الديمقراطية اليوم موضة العصر في مختلف بلدان العالم، تتعامل معها بتفاوت حسب طبيعة الانظمة فيها، وفي حقيقة الامر مهما كانت الاخطاء في ممارستها لكنها- أي الديمقراطية-  تظل أنموذجا افضل من بديلها (الاحتراب الداخلي) لا سمح الله، والتعود عليها وعلى ممارستها والاستفادة من أخطائها أفضل من سل الحسام لحل خلافات السلطة والحكم.

إن شعب الجنوب تعرض للكثير من الأذى والأخطار التي هددت وجوده كشعب عريق في الجزيرة العربية والخليج العربي والقرن الافريقي، عرف الدولة وفق التاريخ المكتشف في نقوش اول عاصمة له (ظفار) الشرق منذ عام 3200 ق.م عندما ظفر العرب الجنوبيون بقيادة الحميريين بالمعانيين الارام في شرق الجنوب العربي، واسموا المنطقة  (ظفار) تيمنا بهذا النصر العظيم.

لقد جسد شعب الجنوب العربي إلى جانب ملاحمه النضالية ملحمة في الديمقراطية والاستفتاء، اشاد بها العالم المتحضر، وتنكر لها بعض (قومنا) من الوطن المنكوب، هذا الجنوب العربي، لأسباب ودوافع متعددة، بعضها مادي وبعض يتعلق بإرث صراعات الماضي والخوف من تسليط تلك الاخطاء كسيف على (الرقاب)، اضافة الى تراكم مصالح كبيرة تمت بعضها خلال السنوات الخمس الماضية مع اطراف الصراع على السلطة  في اليمن الشقيق، وأصحابها- أي تلك المصالح- غير مستعدين للتنازل عنها، ومن هنا تتعاظم الحاجة الى اجتراح ملحمة تشابه ملاحم بطولات هذا الشعب الجنوبي العظيم التي اجترحها في ملحمة النضال السلمي وتحمله تكاليفها الباهظة، وفي ملحمة المقاومة الجنوبية التي اجترح فيها أعظم البطولات وهو يتصدى للغزو والمد اليمني – الفارسي، وفي ملحمة  الديمقراطية، ويجب أن يضيف الى تلك الملاحم ملحمة لا مناص منها ولا عنها، واعني بها ملحمة (التوافق الجنوبي) من خلال جهود مضاعفة يبذلها الاخوة في المجلس الانتقالي الجنوبي مع اخوتهم جنوبيي الشرعية، وتقديم كافة الضمانات التي تبعد عنهم اية مخاوف، مع ضمان واحترام لكامل حقوقهم المادية والمعنوية التي توفرت لهم من خلال وجودهم في السلطة، وتلك الضمانات لن تكون مقنعة لهم بكل تأكيد ما لم يكونوا شركاء في ادارة وضع الجنوب قبل قيام دولته، من خلال التواجد في مفاصل الامن والجيش والشئون المالية والادارية، والمشاركة بنفس القدر بعد قيام دولة الجنوب أيضا.

وبدون شك، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يحتاج الى دعمه ومناصرته من قبل أهل الثقافة والفكر والاعلام والحل والعقد في الامة الجنوبية، وليس مهاجمته من قبل الاقلية، كما تفعل حاليا، وعلى الكل في هذا الجنوب العربي المنكوب وفي  المهاجر وفي الشتات ان يجترحوا ملحمة (التوافق الجنوبي) لتضاف الى مفاخر شعب الجنوب العربي العظيم، وهو يتهيأ  لاستقبال اليوم العظيم يوم قيام دولته الوطنية الراشدة المستوعبة لكل الاخطاء والتجارب والمتسلحة بعظمة التسامح والتصالح والتعاون.

فلنعمل جميعا على انتصار (ملحمة التوافق الجنوبية) على ثوابت شعب الجنوب العربي.