علي ثابت القضيبي يكتب:
دَعُونا نَتَفاءل قَليلاً
اليوم يعود الحديث بجديةٍ عن عودة الحكومة الى عدن ، وفي الرياض تجري تسوية الملعب بهذا الصّدد ، وبالطّبع الحكومة مطالبة بإجراء حلحلة حقيقية في الملفّات التي أرهقتنا ، وهي الغلاء وتدهور العملة ، وكذلك غياب وتعثٌر الخدمات الرئيسيّة كالمياه والمرتّبات والكهرباء وخلافه ، وكلٌ هذه أوصلت المواطن الى الحضيض ، ورغم عدم قناعتنا بصدقيّة السلطة في إنتشال أوضاع المواطن ، خصوصاً وهي من تَسبّبَ بإيصالهِ الى هذا الوضع البائس ، أو أطرافاً فاعلة فيها إن جازَ التّعبير ، لكن لنعمل بالمثل القائل : ( جاري الكذاب الى حدّ الباب ) .
على خلفيّة عودة الحكومة الى عدن بحسبِ إتفاق الرياض ، ولإغلاق باب التّذرٌع بالجانب الأمني ، أقدَمت سُلطات عدن على تنفيذ حملة أمنية مُكثّفة لمنعِ حمل السلاح في الشّوارع ، وكذلك منع المركبات غير المُرقّمة ، وهذه خطوة جد إيجابية ، وتحتاجها عدن كثيراً ، لكن يَتعالى الصراخ من البعض بالقول حاربوا الغلاء وٱتوا بالماء والكهرباء و … و … ، وهذا واقعي ولاشك ، لكن لماذا نصرخُ ونجأرُ بالعويلِ على هذه الحملة الأمنيّة ، وهي نافعة ايضاً ، وبمجيئِ الحكومة سيكون هذا الصراخ أكثر جِديّة وواقعية .
المُفترض أنّ أي إجراء أو خطوة إيجابية ونافعة لعدن ، علينا أن نُرحّب بها ، والحملة الأمنية سَتَحدٌ من الجريمة ، ولأنّ إنتشار السلاح بهذا الشّكل العشوائي في شوارع عدن ، هو من مظاهرِ الإنفلات والفوضى ، وهذا ليس من سِماتِ عدن ولم تَعهدهُ ايضاً ، كذلك الحال للسيارات غير المُرقّمة ، خصوصاً مُعظم الجرائم التي أُرتكبت سلفاً ، هي بسببِ الإنتشار الفوضوي لهذه السّيارات ، كما نتذكّر جيداً مُؤشّر وتعداد الجرائم التي أُرتكبت بالدّراجات النّارية غير المُرَقّمة ، وبِمنعها تلاشَى وإنحدر كثيراً عدد الجرائم التي كانت تتمٌ بواسطتها .
دَعونا نَستعيدُ شيئاً من أَلقِ عدن ونموذجيّتها رويداً رويداً ، بل وبمثل هذه الحملة الأمنيّة ، وهي قد رَتّبت لها قيادة محافظة عدن مُبكراً ، وبها سَيتمٌ تَضييق الخناق على الخلايا الإرهابيّة النّائمة والمُتَخفيّة ، وبها سَيصبح أفراد هذه الخلايا مَكشوفين عُراة عند أي تَحرك لهم ، وهل هناك أجدَى وأَنفعُ من الإطباق على هذا الكابوس ، والبَقيّة ستأتي بإذن الله تعالى ، والمُهم أن تلتزم الشّرعية بِنقلِ قوّاتها من حضرموت وشبوة وأبين ، وتُوجّهها لمقاتلة الحوثي ، وهذا بحسب إتّفاق الرياض ومُلحقاته ، ونتمنّى أن يكون الرّاعي جاداً لمتابعة هذه الجُزئية .
نعم المُهم أن لانقف ضد أي خطوة إيجابية مهما صَغُر شأنها ، ومادفعني لهذا التناول هو ما لمستهُ من تِكرار اللغط وإبداء التّذمٌر من البعض على هذه الحملة ، وسمعتهُ بِتكرارٍ مُستفز في المواصلات العامة وفي المجالس وحتّى عند الخروج من المساجد وخلافه ، ويبدو أنّ هذا بِسبب ما وصل اليه المواطن من الإحباط والإختناق في حياتهِ المعيشية ، لكن علينا أن نتفاءل ، وأي شيئٍ إيجابي سَيُستَجدٌ أو سيعودُ الى حياتنا ، وهي إفتقدت قائمة طويلة من الإيجابيات ، علينا أن نُرحّب بهِ وبمقدمه وعودته ، وهذا هو الوضع الطّبيعي ولاشكّ ، أليس كذلك ؟!