علي ثابت القضيبي يكتب لـ(اليوم الثامن):
صاحبة السعادة ويستلي وهُراء ديمقراطيتهم
على الرغم من معاناتي من عيناي ، ومع إلتزامي بتوصية الطبيب بعدم القراءة والكتابة الى مابعد الجراحة ، إلا أنني وجدت نفسي في حلّ من هذا الالتزام عندما سمعت بخبر تصريح السيدة كاثي ويستلي ، وهي قائمة بأعمال السفير الأمريكي هنا ، خصوصاً والتصريح جاء مستفزاً ومثيراً للذهول ، وماما أمريكا هي المتشدقة بحمل لواء الديمقراطية في العالم أجمع ، وهي كم شنّت من غزواتٍ تحت حجة الدفاع عن هذه الديمقراطية المزعومة ، وإن كانت حروبها تُنكّل بالشعوب وتدمر مقدراتها ، وأن النظام في البلدان المقموعة هو الجاني أصلاً وليش الشعب ، وهذا يعكس حقيقة هذه الحروب وماوراءها ، وكيف تتعاطى أمريكا مع هذه الديمقراطية .
في شبوة وحضرموت ( حيث النفط ) ، هناك خرج الشعب ليعبر عن سخطه من الإنتهاكات التي تطاله ، وهي واقعية أصلا في كل جنوبنا المحرّر ، ومن حق الناس التعبير عمّا في دواخلهم ، ثم أن لنا في الجنوب تطلعات معروفة للكل ، ونكران هذه التّطلعات أو خلفياتها هو من أكبر أشكال السّفَه والتّغابي ، وماحدث لنا وبحقّنا من شركاء وحدة السؤ ليس قليلاً ، لكن للأسف كل هذا يتعارض مع السيناريوهات المرسومة لمنطقتنا الشرق أوسطية ، وهذه شرّعتها حكومة الظل العالمية المُتحكّمة بالعالم وكيف عليه أن يسير ايضاً .
كلٌ هذا يفضح شعارات الإفك البرّاقة التي تتشدّق بها أمريكا وسواها من الفاعلين ، سواء الديمقراطية أو الحرّيات أو حقوق الإنسان أو ... أو ... ، وكل هذه مجرّد مصفوفة من الأكاذيب تستخدمها أمريكا وسواها وفقاً لمقتضيات مصالحهم وحسب ، ومتى ما أنتهكت سلطة أو نظام ما شعارات الإفك هذه لأجل تقديم مصالح لهم ، فهم لايعترضوا ولايحتجوا عليها ، بل يباركوها ، والعكس صحيحا ايضاً .
في كتاب ( تعتيم ) للكاتبان الأمريكيان ٱمي جودمان وديفيد جودمان ، والكتاب من منشورات شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ببيروت ، وطبعته الأولى في عام 2008م ، والكتاب يتحدث عن حقبة حكم بوش الأب وكوندوليزا رايس ومن معهم وما بعدهم ايضاً ، وهو يشيب رأس الجنين بالفضائع التي إرتكبتها أمريكا بحق الديمقراطية وحق شعبها ، سواء من دجل وكذب لتكييف الرأي العام الأمريكي ليتوافق مع الطغمة الحاكمة ولو ظلماً ، وكما حدث للعراق ، الى الإنتهاكات المرعبة التي إرتكبتها أمريكا بدواعي التّصدي للإرهاب في دولٍ عدّة ، الى عدوانها الوحشي الغاشم على نظام القس أريستيد في هاييتي وخطفه وخلعه من السلطة قسراً ، ومع أنه مرشح من الشعب وبطريقة ديمقراطية شهد بنزاهتها الكل الى ... الى ...
في تصريح السفيرة ويستلي تقول لنا : لاتقوضوا أمن البلاد وإستقراره ووحدته ! حتى الوحدة التي إنتهت في الواقع لم تفوتها ، بل وتجنح الى لغة التّهديد بالتّعرض للرد الدولي .. الخ ، وهذا صاعق ولاشك ، والمخالفات والإنتهاكات لإتفاق الرياض تمارسها علنا السلطة الشرعية الخانعة للخارج والفاسدة الفاشلة ايضاً ، ولكن بطريقةٍ تؤكد للٱخر الٱمر العالمي بأنها تنفذ أجندته وسيناريوهاته في بلادنا ، بل هي أداة مطيعة له ايضاً ، ونحن في الجنوب شعب يريد حقوقه المشروعة وحسب ، لكن لاتنطق ببنت شفه بما يتعارض والسيناريو إيّاه !
أنا الٱن أتفهّمُ جيداً دواعي وخلفيات تلكؤ قيادتنا في الإنتقالي عن التعبير الصريح عمّا يريده شعبنا ، وهو يريدُ ويريد ، بل ويريد تحقيق ذلك ولو بالوسائل العنيفة ، حتى نحن الكُتّاب نسطر طروحاتنا بتشنجٍ غالباً ، بل نؤٱخذُ قيادتنا حتى على عباراتها المرنة المهادنة في خطاباتها السياسية ، لكن الواقعي أنّ ثمّة هراوة غليظة على الرؤوس ، حتى على الإقليم الذّاعن بخنوعٍ لإملاءات الكبار ، وهنا على شعبنا الجنوبي أن يتفهّم جيداً كل الضغوط المحيطة بقيادتنا في الإنتقالي ، وأن يثق فيها تماماً ، وماتصريح السيدة كاثي ويستلي إلا أنموذج وحسب ، وهو ليس بحاجة الى تبيان أو توضيح ، أليس كذلك ؟!