الشهيد الصبيحي

نهاية رجل شجاع

1// أجزم ان الساحة الجنوبية بالعموم تعرف جيدا الشهيد المناضل عمر سعيد الصبيحي ، فالرجل قد صال وجال في ساحة النضال الجنوبي منذ بدء شرارتها الاولى ، وتشهد له بشائر هذا النضال عبر جمعية المتقاعدين العسكريين ، وهكذا حتى تبوأ مناصب متقدمة في قوام هيئات حراكنا الجنوبي ، وأهم منه ما اتسم به الرجل كمناضل جنوبي جسور لا تلين له قناه حتى لحظة استشهاده ظهر السبت 7يناير الحالي ..

2// مؤخراً كان الرجل قد أذعن لضغوطات السلطة الشرعية بتبوء منصب عسكري في قوامها ، وهذا جاء بعد دفعٍ من صحبه في قيادات حراكنا الجنوبي ، ومن قبيل ضرورة تواجد قيادات حراكنا في القوات المسلحة ، مع انه قد رفض مراراً العودة الى صفوف القوات المسلحة التي يندرج في إطارها برتبة عميد ، والسبب انه لم يعد يقبل مواصلة العمل تحت راية دولة الوحدة التي تجرع منها الأمرين ، وبأمانه .. ليته لم يفعل .

3// يعرف كثيرين من المحيطين به مستوى التذمر الذي بلغه الرجل منذ توليته قيادة اللواء الثالث حزم ، إذ لم يكن اللواء الذي نتحدث عنه بمستوى لواء فعلي على أرض الواقع ، فهو مجموعة أطقم بعضها مسلحة برشاشات متوسطة ، وجمع من الأفراد لا يمثل لواءً اصلا بمفاهيم العسكرتاريا ، ثم أن مستوى مددهِ ودعمهِ حتى ليساوي ما يقدم لدعم لواء مماثل له ، فمحروقاته على سبيل المثال 7ألف لتر من البنزين بينما لواء مماثل له كانت 150 ألف لتر !! وهذا من مصدر موثوق في لواء الشهيد ..

4// من بين أكثر ما يحز في النفس هو واقعة نهار استشهاده - وهذا ايضا على لسان مقربين منه في ميدان المعركة - فقبل ذلك بيومين كان قد زار مقر القيادة مطالبا ببعض المدد ومستلزمات اللواء المستعد للمعركة ، وقد جوبه بالرفض والتلكؤ .. لحظتها صرخ بصوت عال (هذه مهزلة) ومعها قرر للمحيطين به ان يقدم استقالته ، وكتبها فعلا بعد هذا اللقاء ، وإن كان قد قرر ان يخوض المعركة حتى لا يقال انه قد جبن ..

5// لكن الاكثر مرارة هو ما جرى يوم استشهاده ، في ذلك النهار - 7يناير الجاري - لحظتها دعا من معه من افراد اللواء لتنفيذ مهمة اقتحام تباب الخمسة قرون في جبهة كهبوب ، بل وأكد لهم من يرغب بذلك فليفعل ومن لا يرغب عليه العودة الى المعسكر .. وفعلا تراجع كثيرون ، ثم خاض بجمع من إفراده وحراساته تلك التباب ، وقطعوا شوطاً خلالها حتى اقتربوا من التبة الاخيرة ، وهناك ( كما يقال ) اصطاده قناص ، وتكاثر حولهم الرصاص ..

6// قتل الرجل ، وظل جثمانه ملقيا من الساعة الثانية عشره ظهرا حتى أرخى الليل سدوله ! وهنا كان بإمكان التحالف أو القيادة العسكرية إرسال طائرة أباتشي ومصفحة او مصفحتين ، فتقوم الاولى بالتغطية بنيرانها بينما الاخرى تسحب الجثمان .. لكن شيئا من هذا لم يحدث ! وهكذا أختفى جثمان قيادي جنوبي من طراز نادر ، وحتى اللحظة لم تنعم أسرته بإلقاء النظرة الأخيرة على الفارس الذي ترجل ولن يعود ابدا ، فهل هكذا تكون نهاية رجل شجاع ؟!