د. نجاة السعيد تكتب:
تونس بين «البورقيبية» و«الغنوشية»
عرض التلفزيون التونسي صوراً للرئيس قيس سعيد وهو يشارك حشداً يحتفل بقراره بإقالة رئيس الحكومة وتعليق عمل البرلمان في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة في ساعة مبكرة من صباح 26 يوليو المنصرم. وقد ذكر الرئيس التونسي في كلمة موجهة للشعب أن الفساد قد استشرى في البلاد، ولابد من العدالة أن تأخذ مجراها لوضع حد لنهب ثروات الشعب التونسي.
كما أكد على أهمية الالتزام بالنص الدستوري، وأن هناك من يسعى لتفجير الدولة من الداخل. وبالتالي ما جاء في خطاب الرئيس التونسي والاحتفال بإقالة الحكومة الذي اختير أن يكون في شارع بورقيبة، يتضح لنا أن تونس في صراع حول الهوية السياسية: هل هي تونس البورقيبية أم الغنوشية؟
إن تونس البورقيبية تعني الدولة الحديثة التي أسسها الحبيب بورقيبة والتي وضعت البلاد في طريق سياسي يعتمد على الدولة الوطنية من خلال دستور وطني يمنح الحقوق المدنية لكافة الشرائح المجتمعية. وهذا ما وضحه الرئيس، قيس سعيد، في رده على أن ما حدث في تونس انقلاباً: «الذي يقول ذلك في أي كلية حقوق أو علوم قانونية درس؟ فكيف يكون انقلاباً وهو بناء على الدستور؟ فالفصل 80 من الدستور منح رئيس الجمهورية الحق في اتخاذ التدابير التي يراها لازمة عند وجود خطر داهم.» كذلك أكدت عبير موسي، النائبة البرلمانية التونسية والتي توصف بـ «عدوة الإخوان»؛ إذ تعرضت للضرب على يد «إخواني» داخل البرلمان، في إحدى خطاباتها على أهمية المحافظة على الدولة الحداثية التي أسسها بورقيبة والتي من أهم ركائزها أنها دولة قانون، الذي على حد تعبيرها ينتهكه رئيس حزب حركة «النهضة» التابعة لتنظيم «الإخوان» الإرهابي، راشد الغنوشي، وقد ذكرت في الخطاب الذي كان موجهاً له: (لا يشرفنا أن يكون على رأس البرلمان قيادي «إخواني» ينشر المشروع الظلامي.
أنت في كتاباتك تكتب المرأة عورة، لكن المرأة في تونس حرة. بفضل الزعيم بورقيبة وبفضل الأحوال الشخصية سنزيحك من ذلك الكرسي بالقانون والقضاء).
من خلال خطاب الرئيس قيس سعيد والبرلمانية عبير موسي يتضح لنا أن أكثر ما يخشاه التونسيون هو«أخونة» دولتهم من خلال التلاعب في الدستور، لذلك تم التأكيد عليه وعلى دولة القانون. كذلك الذي أثار غضب الشعب التونسي أن ولاء «الإخوان» ليس للدولة، بل لقوى خارجية.
إضافة إلى ذلك، عدم أهلية «الإخوان» في إدارة شؤون البلاد، خاصة من الناحية الاقتصادية، هذا عدا على عدم النزاهة. فبعد إقالة الحكومة وتعليق عمل البرلمان، اتضح أن القوى الوطنية عازمة على إبقاء تونس دولة «بورقيبة»: الدولة الوطنية الحداثية التي تعزز حماية الدستور، كما أنها ستعيد تقييم المرحلة السياسية التي اهتزت بسبب تنظيم «الإخوان» وأغرقت تونس في الإخفاقات الاقتصادية
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي