مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
يعود لاحتضان اليهود
ليس بالجديد على المغرب ، فتح ذراعيه لكل محتاج للحماية غريب ، بالأحرى إن كان له اقرب قريب ، يهودي يسأل عن أصله فيكون نفس المغرب له مُجيب ، ما انقطعت الصلة منذ سالف قرون بين الراسخة من الجذور وأحداث من تاريخ قريب ، خلال هجرة لتأسيس دولة يستقرّ فيها ما تشتَّت من بشر عبر شمال الدنيا كالجنوب ، وحَّدتهم العِبْرِيَة على سياسة المُناسب كالمَنسوب ، مرة بإظهار الخوف ومرات باستعمال العُنف والكل على ذمة منظمات عالمية محسوب ، لتصبح إسرائيل رقماً صعباً على ضعاف القلوب ، في مساحة تأكل من أطرافها كشمعة من أجل هناء "قِلَّةٍ" تذوب ، أمعنت في كراهية التَّطبيع بما أبرزته مسموعاً أو مرئياً أو على صفحات الجرائد مكتوب ، تزدرد تشرب تبرّد تدفئ تقيم الأعراس وتقتني ما ترتديه أنيقاً بجيب مثقوب ، ضامنها التَّطبيع المباشر مع "القدس الغربية" و "تل أبيب" بلسان صامت مصلوب ، المناضل لا يزن قنطاراً من اللّحم ببطن مغطى بخيمة من الثوب ، إلا إن طبَّع بطبعه المسلوب ، تواطؤا مع زمن الضَّعيف المغلوب ، والغالب قَوِيّ بالتخطيط العلمي السليم في التكنولوجية وحداثة ابتكارات الطب . الحكمة تقتضي تسخير العزيمة لامتصاص علل الهزيمة بالسلاح المطلوب ، وليس بتنظيم قصائد في مدح اندفاعٍ "مناسباتي" يرقد بين أوراق كتب ، المناضل لا يتوصَّل براتب منتظم من محتلّ يصفه خلف قناع بالرَّهيب ، ولا بتسوَّل من دولة خليجية ليشتري سيارة من آخر صيحات التَّصنيع الغربي العجيب ، المناضل هيكله العظمي جواز مرور لضفة الأمل بتحقيق الاستقلال المنشود المحبوب.
المملكة المغربية طبَّعت مع دولة إسرائيل من أجل خاطر ما يفوق ربع سكان الأخيرة ، من مواطنيها اليهود المغاربة ، بما فيهم من علماء ومخترعين ، ورجال دولة من وزراء وسامي موظفين ، وعمال مهرة في جل الحرف ، ومسيِّرين لقطاعات حيوية ، يربحون رواتبهم بعرق جبينهم ، كما رَبَّى المغرب آباءهم وأجدادهم ، وليس بمد اليد للأثرياء دون مقابل عملي يقدمونه . اليوم بالآلاف يعودون لموطنهم الأصلي الأصيل المغرب ، ليساهموا في إنعاش نمائه بإحداث عشرات المشاريع الاستثمارية في مجالات الفلاحة والسياحة والعقار ، منطلقين من جهة مراكش لغاية جهة وادي الذهب بجوهرتها "الداخلة" . وما الاستقبالات التي نظمتها مراكش وما اعتراها من مباهج الفرح المترجمة بدقات الدفوف والبنادر وأهازيج الفلكلور المحلي ، إلا علامة من علامات كرم المغاربة وهم يستقبلون مغاربة يتمتعون بنفس الحقوق مثلهم ، في وطن يزخر بالاستقرار ومقومات الاطمئنان والسلام .