مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):

في العراق حتى المَرَق احتَرَق

لم يُتْرَك في طََنْجَرَةِ العراق ، غير بقايا مِن قليل مَرَق ، لطعامٍ وفير أقتسمته ايران مع جماعة السُرّاق ، المنتشر ما نهبوه للتداول داخل الأسواق ، المعروف بعضها على امتداد الغرب والشرق . لذا الاجتهاد في امتصاص مُدَخَّرٍ يُبقى ذاك البلد متطاولة فيها بعض الأعنَاق ، جائز لإعداد طبخةٍ جديدة تأتي على النَّاجي من الغَرَق ، يوم وصول تركيب الخرائط وفق تغيير مُطْلَق ، يعيد الصِّفْر لمخترعيه العرب وكل ما يرمز إليه مُختَرَق ، مصر عن طريق اجهزتها المخابراتية ذات الاختصاص المتفوّق في رصد الآتي من الصواعق المتبوعة بأقوى رعد وأسرع بَرَق ، اتَّجَهت لتحريك سياسة المؤتمرات الظاهر منها بداية الانْطِلاَق ، بجَرِّ الطافِح على السَّطح للاختفاء في الأعمَاق ، بلا قدرة للعودة كما كان صَامَ عن الكَّلامِ أو نََطََق ، للتحكُّم فيما هو قادم من نظامٍ لا يَعتَرف بالحَقّ ، بل هيمنة المنتصر بالقوة العسكرية وبين يديها أفتك سلاح مدعومة بقُدرات اقتصادية على أضخم وأوْسَعِ نِطاق ، مصر بما ذُُكِر سبِقت الأحداث وهي تَرَى أنَّ العراقَ والجزائرَ وما سيليهما من دول عربية خاصة بِتُؤْدَةٍ مُتقدِّمة للانهيار في أغربِ سِبَاق ، فحَرَّكت سِراً فكرة عقد مؤتمر "ليبيا ودول الجوار" على نفس هدف المؤتمر الثلاثى المصري الأردني العراقي المنعقد في بغداد لتجسيم ما قد يُفَسّر بالوِفَاق ، لتركِ الذِّراع المصري يمتَدّ صوب "ليبيا" احترازاً مُؤكَّداً من وباء "سَدِّ النَّهضة" الذي بدأت تتَّضِح علامات خطورته على ارض الكِنانَة بكامل مساحتها على الإطْلاَق . مصر بما اتجهت إليه تنأَى عن التَّنسيق مع إسرائيل لاعتبارات سياسية عن دراسةٍ علميةٍ سَاق بها لمعترك الصَّوابِ مَن سَاق ، الرَّاغب في إثبات أن مصر مقبلة عمَّا يُبعدها عن انزواءٍ شبيهٍ بما تتعرَّض له المملكة العربية السعودية بصريح العبارة ووَصْفٍ أدَقّ ، فكان عليها اللجوء إلى تركيا فتبرم معها أهمَّ وأنجح اتفَاق ، وتُواصِل مع فرنسا مُظهرةً ولومؤقتاً عدم اكتراث ممَّا يجري في " الجزائر" من تدخُّل سافر في شأنها الداخلي بواسطة حكمٍ عسكري مُستَعمِر للشعب الجزائري استعماراً لم يشهد التاريخ مثيلاً له المثير أفزع قَلَق  . وما الخطاب الذي توجّه به الرئيس السِّيسِي مباشرة إلى الشعب العراقي إلا تلميحاً بكلمات منطوقة بعناية ذكاء ، تتحدَّى واقع الحاضر إلي إكراهات المستقبل ، الذي لن يعيد لدولة العراق دورها المحوري الهام بالمنطقة ، إلا إذا نهض الشعب العراقي نفسه متحمِّلاً مسؤولية انجاز الاعمار ، وبناء العقلية القادرة على فرض الاستقرار، لم تكن بكلمة مجامِلة ولا لدرّ الرّماد في الجفون ، وإنما تذكير أن المُقبل لن يرحم ، فلا الحكومة الحالية مستطيعة وحدها تحقيق الأهداف المرجوة ، لإخراج العراق من عنق الزجاجة ، ولو بتنظيم انتخابات المعروف مُسبقاً مَنْ سيتولَّى أمرها لإفراز ما هو أسوأ ، على ضوء الولاءات التي تذهب بعضها خارج الوطن ، لأسباب فضحتها التجارب السابقة لأطراف لا يهمُّها العراق الموحَّد السيِّد قراراته الحر مع إراداته مهما كان المجال . حضور الأردن أرادته مصر أن يكون تكميلياً بموافقة الملك الذي وجدها فرصة سانحة للتعبير عن ابتعاده التدريجي عن النفوذ السعودي الذي لا زالت بصماته قائمة على جدران قلاقل ، ما كانت لتُحمد عقباها لولا تعقّل وحكمة الأسرة الملكية الأردنية الهاشمية  الحاكمة ، التي تجاوزت ما حدث ، لكن الحذر اوجد شرخاً لا يمكن المرور فوقه دون انتباه مشوب بالاستعداد المتواصل لاستباق مَن لا زال تحت الرماد يتحيَّن فرصة الاشتعال ، ولمن أراد الإبحار لغاية الوصول إلى الدور الريادي الذي لعبته مؤخرا ولا زالت جمهورية مصر العربية ، أن يعود إلى مضمون الزيارة التي قام بها الرئيس التونسي لينفرد بالرئيس المصري ويعود إلى وطنه مزودا بتقنية تحمُّل كل السلطات بعد إغلاق البرلمان ورفع الحصانة عن منتسبيه مهما كان الحزب الذي ينتمون إليه ، وفي المقدمة "النهضة ".