مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

السلطة القضائية: الأبعاد المسكوت عنها في مشكلة رواتب الموظفين الجدد

يأخذ نضال الموظفين المدنيين والعسكر من أجل الرواتب في المناطق المحررة أحيانًا طابعًا مأساويا، فهناك من ينتحر ، و اخر يتحمل بصمت  وصعوبة الجوع و الامراض الجسدية والنفسية ، وهناك من يحاول دون جدوى رفع دعوى قضائية ، وشخص ما  بعد أن وصل إلى اليأس  يستخدم القبضة والعصي.

الحرب الاخيرة زادت اوضاع الناس في الجنوب تعاسة ومآسي ونشرت البطالة والرشوة وقلبت حياة الكثيرين رأسا على عقب ، فهذه الحرب سببت ضررا كبيراً بأوضاع الاسر  ، لان في طياتها تدور حرب اخرى أشد فتكا من الرصاص والدبابات وتتمثل في قطع وعرقلة صرف الرواتب ، المصحوب بارتفاع  في أسعار المواد الغذائية والبترول ارتفاعا جنونيا ، الامر الذي أحال حياة ملايين الناس الى جحيم  وسقوط الكثير منهم في دوامة الجوع و الفقر  والعوز  والجريمة .

مشكلة رواتب الموظفين الجدد في السلطة القضائية  لا تحمل أي إشكالات " فنية  أو تقنية او مالية " وتستحق تقييمًا قانونيًا   ، لان هناك عرقلة متعمدة  من قبل  بعض  الاطراف  التي تحركها اذرع من خارج  السلطة القضائية  ، وحول هذه الاطراف  تحوم شبهات  " صرف شخصي  بمبالغ خيالية " في صور شراء عقارات وسيارات  و سفر و حوالات  بنكية وشراء ذمم ، يراد الاستمرار فيها ولو على حساب التخلص من الموظفين الجدد البالغون  1496 الذين تم تعينهم بقرارات وزارية .

الأبعاد المسكوت عنها في  عدم صرف رواتب الموظفين الجدد في السلطة القضائية ، تكمن في أن هناك من يستغل ضعف الرقابة المالية  على ميزانية  القضاء ويريد بقاء الاوضاع  القديمة على ما عليه تحت مقصلة الصرف المبهم للاستفادة  المادية القصوى من مرحلة عدم الاستقرار السياسي  الحالي ، التي  جعلت السلطة القضائية  ضعيفة الاداء والعدل  .

   رواتب الموظفين الجدد  ستضعف القبضة المالية لأطراف  فاسدة تحرص في سلوكها القضائي والأخلاقي على الجشع  والترف الشخصي  تدوس الكل من أجل مصالحها  وترفها  ورفاهيتها وحدها ، تمارس  سياسة إخضاع بعض القضاة والموظفين مادياً  من اجل استمرار الهيمنة على القضاء  .

رواتب الموظفين  الجدد  ستضعف  وفر الميزانية القضائية الذي يذهب دائما  الى حسابات جارية غير معروفة في البنوك بدلاً من عودتها الى وزارة المالية  ، الرواتب كذلك ستؤثر على مبالغ النثريات الضخمة لدى بعض الكبار في السلطة القضائية ، الذين يرفضون بشكل مطلق  الشفافية المتعلقة بالتسيير المالي   .

صرفت السلطة القضائية  في عام واحد اكثر من 22 مليار في مجالات غير معروفة  وعجزت عن صرف 2.6   ريال يمني كرواتب لـــــ  " 1496 " من الموظفين الجدد  تم تعينهم بقرارات وزارية   وبرسائل موجهة من وزير العدل الى  رئيس الوزراء  و وزير المالية  و ورئيس الجمهورية يطالب فيها بالتعزيز المالي للموظفين الجدد ، إلا ان لا حياة لمن تنادي  في اختلال واضح  لصورة النظام وهيبته .

واحدة من مئات الصور المأساوية التي وصلت اليها  السلطة القضائية  ،هو ان يعمل موظف  بقرار وزاري  اكثر من سنه دون راتب ، ناهيك عن تدخلات السلطة التنفيذية الواضح  في شؤونها ، وتعليق العمل  في المحاكم والنيابات، وهو الامر الذي يحث على ضرورة الاصلاحات واعادة هيكلة السلطة القضائية للمحافظة عليها من الانهيار  .

 يقول ابن خلدون في شهيرته المعروفة بمقدمة ابن خلدون ، فساد القضاء يفضي إلى نهاية الدول و الظلم مؤذن بخراب العمران.