د. ياسين سعيد نعمان يكتب:
مع تفكك المجتمع تضيق مساحة الدولة
كل الأفعال القبيحة والجرائم يمكن أن يعاد تسييلها في حبر سياسي يكون أحياناً كثيرة بمستوى القبح ذاته .
هذا التسييل ، بما يتمخض عنه من قبح ، غالباً ما يكون هدفه التغطية على تلك الأفعال والجرائم ، وتوجيهها لأغراض مختلفة ، وجعلها تمر دون أن تعالج في الإطار العادل الذي يؤدي إلى محاسبة مرتكب الفعل من ناحية ، ووضع ضوابط قانونية ومجتمعية لمنع تكراره من ناحية أخرى .
المستفيد من الحبر السياسي للفعل القبيح دائماً هم أولئك الغارقين في حماقات هذه الأفعال والجرائم ، وهم لا يفوتون فعلاً ، صغر أو كبر ، إلا وحولوه الى حبر سياسي بالغ الرداءة ، تضيع معه حقوق ومسئولية الغير ( الضحية والجلاد معاً ).
الحوثيون لم يكتفوا بالحبر السياسي الذي أراقوه لاستغلال دم المغدور به عبد الملك السنباني ، رحمه الله ، في حربهم العبثية ضد المجتمع اليمني ، وإنما أخذوا يحرضون الشمال ضد الجنوب في لعبة خلط أوراق تعيد بناء المشهد على النحو الذي يعيد الى الأذهان تلك الحروب التي كانت تتجه جنوبا تحت ذرائع وشعارات مختلفة .
حشد النكف القبلي في ذمار وبين قبائل عنس خلال اليومين الماضين ورفع قميص المغدور به في وجه السلام مطالبين بالتوجه إلى الجبهات تنفيذاً لخطاب الحوثي الذي توعد بالسيطرة على كل اليمن ، بتلك الطريقة الحمقاء ، يقدم دليلاً آخر على أن الحوثيين لا يهمهم دم السنباني ، ولا العدالة ، ولا اليمن .. وإنما المزيد والمزيد من الحفر في الأرض الهشة التي يقف عليها مجتمع حائر ومنهك ، أخذت تتجذر فيه مساحات التفكك على نحو تضيق معه مساحة الدولة .. وهذا هو بيت القصيد في كل الزوابع التي يتحول معها كل فعل قبيح إلى حبر سياسي أقبح .