علي ثابت القضيبي يكتب:
مشروعهم إنهاكنا وإبتلاعنا
بدايةً ، فقد إنطلقَ السيناريو متوحشاً من بغداد ، وهناك تمّ إستدراج الزّعيم العراقي صدّام ودفعه لإحتلال الكويت ، كلٌ هذا جرى وفق ريموت كنترول غربي / امريكي ، ووقائع وحيثيّات هذا الإستدراج يُفصح عن تفاصيلها كتاب ( الملف السّري لحرب الخليج ) ، ومؤلّفاه الأمريكي بيار سالينجر والفرنسي إريك لوران ، ومن ثمّ جرى قصف العراق ودكٌ بُنيتها بكلّ الحقد في قلوبهم ، وهكذا خَرجت أوّل عاصمة عربية مُنهكة مُهلهلة حتى اليوم .
* إنّ مشروعهم هو تقويض وجودنا العربي بِمدماكهِ الإسلامي وشرذمته ، والغاية هي القضاء على شيئٍ إسمه الإسلام ، وايضاً الهيمنة على الثّروات الهائلة في جغرافيتنا ، أو على الأقل التّحكم بها ، هذا هو دأبُ الدول الإستعمارية منذو الأزل ، بل هو معلما بارزاً يتٱصل في كينونتهم المُتجسّدة وفق رؤيتهم ( نحنُ وأنتم ) ، أي الكبار والصغار دائماً ، وبكل أسف نحنُ نُديرُ ظهورنا لهذه الحقائق الساطعة ، ونتعاطى بِقدرٍ من التّسطيح والعفويّة مع خُبثهم الظّاهر والمبطن .
* ما بعد فبراير 2011م ، إنفجر ما أفترضناه ربيعاً عربياً لزلزلة عُروش حكّامنا الطغاة ، وعلى أملِ إحداث نقلة نوعيّة تَجتثٌ العبث في دولنا المُرهقة ، ولكنهم كانوا بالمرصاد ، وأداروا اللعبة بحنكةٍ من وراء الكواليس ، وسَلّطوا قوىً من بني جلدتنا وديننا ، وهم كانوا قد تَكفّلوا بتخليقها وتفريخها ورعايتها وتمويلها ، وهؤلاء تَصدّروا الموجة ، وحَرفوا ربيعنا عن وجهتهِ ، خصوصاً أنهُ لم يكن ثمّة وضوح أو خارطة طريق لما بعد إسقاط الحُكّام ، وولجنا في دوّامة العبث التي نكتوي بنيرانها حتى اللحظة .
* اليوم موجة هائجة من العبث المجنون تجتاح جغرافيتنا ، خصوصاً في البلدان الملتهبة ، حتّى المخدّرات تَكفّلوا بإغراق بلداننا التي لم تكن تعرفها من قبل مطلقاً ، والتّعليم إنهار ، وعَمّ الإنفلات وغياب الأمن ، حتى التّشكيلات المليشاوية إنبثقت كإحدى مُخلّفات وتبعات حالة الإحتراب التي إفتعلوها في تخومنا ، لكنّ الأكثر مرارةً وألماً هو أنّ ما نفترضهُ سُلطات رسمية في بلداننا ، فهي تحلقُ وتدور في خدمة وتنفيذ نفس مُخطّطاتهم ، وكذلك السيناريو الجهنمي الخاص بهم في بلداننا ، بل هُم أدواته أصلاً !
* هذا من أكثر ما يذبحُ في النفس ، إذ كيف لك أن تستوعب أنّ من تفترضه مسؤولاً رفيعاً في دولتك المُنهكة ، وهو إبنُ جلدتك ووطنك ، ولكنه يُكملُ البقية الباقية عليك ؟ مع أنه يفسد وينهب ويثري ، وفوق ذلك يُسومك الويلات بتدمير الخدمات وإشاعة الغلاء وتجويعك ، ومع الأسف هنا حتى الإقليم بِصمتهِ ضالعاً في كل هذا العبث ، خصوصاّ في جغرافيتنا الجنوبية ، وكلٌ هذا ضمن مُخططات الكبار الجهنمية لإنهاك جغرافيتنا العربية وإبتلاعها .
* هنا الكارثة التي تكتوي بنيرانها بلداننا الملتهبة ، وهي لن تتوقف حتى تأتي علينا تماماً ، أو أن نفوقَ ونصحوا لمواجهتها بما أمكننا ، وأن نكسر أدواتها وأذرعها المحليين ، وهذا هو الأكثر أهمية ، لأنهُ بمواصلة الصّمت ، أو غرق كلٌ فردٍ وكل مكونٍ في شؤونه الخاصة ، أو الإنجراف مع موجة العبث أو اللهث وراء الإثراء غير المشروع ، أو التّهويمِ والسّير على هامش الحياة ووفق ما رسموا لنا ، هذا يعني إستمرار موجة التّجريف والإنهاك بحقّ مجتمعاتنا العربية حتى نهايتنا ، أليس كذلك ؟!