مسعود أحمد بيت سعيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
اليسار .. والاستحقاق التاريخي
تحتفل الطبقة العاملة وحلفاؤها الكادحين هذه الايام بالذكرى السابعة والتسعون لتأسيس الحزب الشيوعي اللباني . حزب العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين حزب المقاومة والوحدة الوطنية والرؤية الواضحة اللاطائفية فكرا وممارسة . بتاريخ ٢٤اكتوبر سنه ١٩٢٤ تم تأسيسه كحزب وطني أولا و ماركسي ثانيا .بدأ حزبا موحدا في سوريا ولبنان . وإذا كان ينسب فضل تأسيسه ل فؤاد الشمال ويوسف ابراهيم يزبك وغيرهم من المناضلين فإن تطويره كحزب موحد يعود للشخصية التاريخية المعروفة خالد بكداش والشهيد الكبير فرج الله الحلو وآخرين . فرضت الظروف وصعوبة الاتصال والملاحقات والاجتهادات السياسية الإستقلال التنظيمي سنه ١٩٦٤ وبقت العلاقات الرفاقية بين الحزبين بين المد والجزر . أصبح نقولا الشاوي أمينا عاما للحزب وفي المؤتمر الثاني سنه ١٩٦٨ وصعود الجيل الجديد الى مواقع القيادة ، بدأ الحزب بمراجعة نقدية لبعض موافقة السابقة وخاصة فيما يتعلق بالقضية القومية . كانت الوحدة العربية والقضية الفلسطينية مدخلا لتلك المراجعة التي طالت بعض مواقف الاتحاد السوفيتي . من هنا يمكن اعتبار الحزب بدأ التعمق في استيعاب الواقع الموضوعي بشكلا اوضح وأكثر استقلالية عن المركز . حيث قدم قراءاته الفكرية والسياسية انطلاقا من الخصوصية المحلية والقومية ، الأمر الذي ميزه باستمرار عن الآخرين فهو حزب وطني وقومي وماركسي حقيقي ولا تناقض بين تلك الأبعاد بل كل بعدا يعمق الآخر ويعطيه بعدا إضافيا ويحذر اختياراته الفكرية وانحيازه الطبقي بشكل اشمل وأعمق . هذه الفرادة ابقاءته في حالة تجدد وثبات رغم انهيار المنظومة الإشتراكية . فهو يستمد مشروعيته من انحيازه الطبقي والفكري لعموم الطبقات الشعبية الكادحة التي يعبر عنها والتي يدعوها باستمرار إلى المزيد من الانضباط والإلتزام في سبيل تحقيق أهدافها ويسلحها بالمعرفة النظرية . تاريخا مجيدا حافلا بالعطاء والتضحية والصمود والنضال في سبيل العدالة الاجتماعية والتقدم والوحدة و الاشتراكية .قدم خلالها قوافل الشهداء في مسيرته النضالية الطويلة ولايزال مؤمنا وملتزما ومخلصا لاختياراته الفكرية والطبقية . ان الحزب الشيوعي اللبناني مناره حقا. فرغم كل التحولات والارتدادات الفكرية والسياسية والتنظيمية لبعض الأحزاب اليسارية بقى الحزب كما هو طليعيا تقدميا ملتزما بالاشتراكية العلمية ونهجها المادي الجدلي فريدا في تفحص الحالة اللبنانية والعربية والدولية من مواقع الاسترشاد الواعي بتعاليم الإشتراكية العلمية التي مكنته من قراءه لوحة التناقضات والظواهر الاجتماعية والطبقية بعلمية موضوعية .ان حزب العمال والفلاحين وحلفاؤهم مدعو في كل يوم إلى استنباط الحلول الواقعية ومتابعة الحراك الاجتماعي بدقة والتمييز بين التناقض الرئيسي والثانوي في كل مرحلة من مراحل الصراع وتحديد الاولويات واشتقاق البرامج والشعارات المرحلية والاستراتيجية المنسجمة مع معطيات الواقع لجهة تغييره . وإذا كانت هذه الذكرى العزيزة تتزامن مع جمله استحقاقات وطنية كبرى فهي مناسبة عظيمة لوقفة جادة امام الواقع الموضوعي وتحليله تحليلا دقيقا والإمساك بالحلقة المركزية .ان بناء الجبهة الوطنية العريضة التي تستوعب الكتلة التاريخية استحقاق لابديل عنه في هذه المرحلة المحددة بسماتها العامة . وان الحزب الشيوعي قادرا بتاريخه وتجربته النضالية وبعقله الجماعي وبما يحتله من مكانه مرموقة في وجدان كل الفئات والطبقات الشعبية وكل الوطنيين ، مؤهلا أكثر من غيره على إيجاد هذا الإطار الوطني الواسع لجهة أحداث تغيير حقيقي في البنية الطائفية الطبقية المحاطة والمحمية بالتحالفات الإمبريالية والصهيونية والرجعية المتساوقة مع الرسمالية العالمية في تنفيذ سياساتها العدوانية التي تزج يوميا بقطاعات واسعة من الجماهير الى حافة البؤس والفقر والحرمان بينما هي تكدس الثروات وتتوارث الوجاهات . انها لحظة مناسبه لوقفة جادة امام كل النواقص والثغرات ومغادرتها نحو فعل جدي يؤسس لنقلة نوعية في مسيره هذا الحزب الطليعي والمساهمة الجادة في استنهاض الحركة التقدمية العربية . قرن كامل من النضال المتواصل والمستمر ..ولايزال الحزب الشيوعي اللبناني أكثرحيويه ونشاط وتفان وصلابة وتمسكا بأهدافه التي قضى في سبيلها الألف من المناضلات والمناضلين على طريق بناء الإشتراكية جنة الارض . تحية لأرواح الشهداء الكبار فرج الله الحلو وجورج حاوي وحسين مروه ومهدي عامل وكل الشهداء الابطال .في الذكرى التاسعة والخمسون التحية للرفيق حنا غريب الامين العام للحزب ولكل قيادة وكوادر وقواعد الحزب الشيوعي . ولتزدهر إلى الأبد راية الإشتراكية العلمية الخيار الوحيد للخلاص من الاستعباد والاضطهاد واستغلال الانسان للانسان .
بقلم مسعود احمد بيت سعيد