مهدي عقبائي يكتب لـ(اليوم الثامن):
النظام الإيراني يسعى إلى الخروج من المآزق والأزمات المقبلة
لقد أثبت نظام ولاية الفقيه الرجعي منذ بداية انقضاضة على السلطة حتى اليوم أنه ليس لديه في جعبته ما يمكِّنه من إدارة البلاد وحل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الرئيسية للمواطنين.
ولهذا السبب لجأ إلى تبني سياسة القمع في الداخل، وخلق الأزمات، وإشعال الحروب، وتصدير الإرهاب إلى الخارج سعيًا إلى الحفاظ على بقاء نظامه الفاشي.
استراتيجية نظام ولاية الفقيه
لم يكن لسلطة ولاية الفقيه القدرة منذ البداية على إدارة البلاد واستخدام جهاز عسكري وجيش بما يتطابق مع المعايير الدولية؛ بسبب طبيعتها العدوانية اللاإنساية، واعتمدت عسكريًا على تشكيل ميليشيا - إرهابية.
ونتيجة لذلك لجأت إلى استخدام الأساليب العصر حجرية أثناء الحرب بدلًا من خوض المعركة متسلحةً بالأسس العلمية والعسكرية للحرب الحديثة، مما أسفر عن تكبيد البلاد عدد لا حصر له من الضحايا.
كما أن هذا النظام الفاشي لم يكن لديه القدرة على التأثير السياسي الإيجابي من أجل التعايش السلمي مع جيرانه.
ولذلك سعى بتشكيل جماعاته الإرهابية المرتزقة، وارتكاب جرائم لا حصر لها إلى إما استدراج رجال السياسة في البلدان المجاورة تحت هيمنته بتبني سياسية العصا والجزرة أو إخراجهم من المشهد بالاغتيال والقتل. وهذه هي الجريمة التي تحدث هذه الأيام في العراق و لبنان واليمن و سوريا .
هذا فضلًا عن أن نظام الملالي عاجز في القضايا المحلية عن تلبية أبسط الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
ولذلك بادر بإسكات أي صوت معارض بالقمع الوحشي المفرط، لدرجة قتل أبناء الوطن تحت التعذيب أو إعدامهم شنقًا، بدءًا من عمليات الإعدام في عقد الثمانينيات وصولًا إلى مجزرة عام 1988، وسلسلة الاغتيالات في عقد التسعينيات.
فضلًا عن إطلاق النار على أبناء الوطن في شوارع المدن وأهوار ماهشهر في نوفبمر 2019 ... إلخ، بدلًا من تلبية احتياجات المواطنين.
هذا ولجأ نظام الملالي في مجال السياسة الخارجية إلى تصدير الإرهاب، بدلًا من تبني دبلوماسية صحيحة قائمة على تحقيق المصالح الوطنية للإيرانيين. وأهدر رؤوس أموال الإيرانيين في هاوية الإرهاب والعبثية النووية والصاروخية من أجل بقائه.
ورطة مفترق الطرق
إن خامنئي محاصر في المصيدة النووية عند مفترق طرق الاستسلام أو المواجهة مع المجتمع الدولي، في ظل طيش نظام ولاية الفقيه.
وإذا كان يريد اختيار سياسة المواجهة والتسلح النووي، وهي سياسة تعتبرها كل من الصين وروسيا خطًا أحمر، فضلًا عن أنها تنطوي على عواقب وخيمة، من بينها إحالة ملف نظام الملالي إلى مجلس الأمن وإدراجه في أسفل الفصل الـ 7 ... إلخ.
ومن ناحية أخرى، إذا أراد العودة إلى المرونة البطولية، فعليه الامتثال لمطالب الأطراف المنافسة، وأن يخضع إلى التفاوض حول القضايا المتعلقة ببرنامج الصواريخ والتدخلات الإقليمية، فضلًا عن البرنامج النووي، والقبول بما يُفرض عليه من قيود.
الأزمة الاجتماعية وورطة اللجوء إلى القمع
بصرف النظر عن الورطة الدولية، ليس أمام خامنئي أي خيار على الإطلاق لتجاوز الأزمات التي صنعها بنفسه داخل البلاد. وتعكس التحذيرات العديدة التي يطلقها عناصر نظام الملالي ووسائل إعلامه من خطر الانفجار الاجتماعي؛ هذه الحقيقة.
فضلًا عن أنه لا يمر يوم دون كشف النقاب عن ملف من ملفات الفساد والنهب المطلق العنان الراسخ في هذا النظام الفاشي.
وقال مصطفى ميرسليم، العضو الحكومي المخضرم في مجلس شورى الملالي: "إن 70 في المائة من حجم التهريب يتعلق بأحد الموانئ فقط".
ومن الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن مُسمى هذه الإحصاءات والأرقام ليس "التهريب"، بل تسمى رسميًا بـ "التجارة"، ولكن بأسلوب الملالي.
لهذا السبب، نجد أنه حتى المرتزقة أصحاب المعاشات في هذا النظام يعترفون بأن الفساد والانهيار الاقتصادي وصلا إلى درجة أنه من غير الممكن التصدي لهما؛ لا بالرفع الفوري للعقوبات ولا بتدفق فيضان الأموال إلى البلاد.
وهذا هو ما دفع صحيفة "آرمان" الحكومية إلى أن تكتب متساءلة بشكل تحذيري في عددها الصادر 20 أكتوبر 2021: "ماذا ستفعلون هذه المرة مع الجياع وحفاة الأقدام ؟
ويشعر نظام الملالي جيدًا أن يداه مغلولة إلى عنقه إلى حد بعيد في القمع السافر؛ بسبب تفجُّر غضب وكراهية هؤلاء الجياع وحفاة الأقدام، نظرًا لأنه من شأن أي من هذه الإجراءات أن تكون شرارة في مستودع بارود الغضب الاجتماعي.
ومن هذا المنطلق، حريٌ بنا القول إن خامنئي في شطرنجه السياسي ينظر إلى المستقبل نادمًا على القنبلة غير الموجودة، ومحترقًا ومتألمًا من العقوبات القائمة، وخائفًا من الانفجار الاجتمائي.