علي ثابت القضيبي يكتب:
البنك المركزي وإلّا
أوضاع جنوبنا الإقتصادية تعيش حالة مريعة ، وهي أقسى وأشرس أشكال الحرب ، لأنّها سحبت الشريحة الأوسع في مجتمعنا الى خانة المعوزين المعدمين تماماً ، وراتب الموظف البسيط أصبح بالكاد يفي بكيس أرز جاف وحسب ، وهذا كارثي ، ووراء ذلك التّصاعد المرعب للريال السعودي والدولار ، وهنا علينا أن نتساءل من يتسبب بذلك ؟ ولماذا لا أحد يكبحهُ ؟
يوم الأحد 31 أكتوبر الفارط ، نشرت الغرّاء الأيام خبراً زلزل المتابعين لإقتصاديات البلاد ، وخلاصته بحسب مصادره – ثلاثة مصادر مصرفية مستقلة في عدن – بأنّ البنك المركزي وراء إنهيار سعر الصّرف ، وذلك بسبب قيامه بالمضاربات بالعملات الأجنبية في السوق المحلي ، وأورد الخبر تفصيلاً لحالات بالأرقام جرت فيها عمليات مضاربة ٱجلة بطريقة غير مسؤولة ، وأدّت الى إرتفاع سعر الصرف ! بل وطالبت المصادر بتشكيل لجنة الى البنك المركزي للمراجعة والتفتيش عن هذه العمليات ومحاسبة المسؤولين عنها .
هنا المفصلي في الأمر ، وهو تشكيل لجنة حيادية – وياحبّذا خارجية – للتفتيش في دفاتر وسجلات هذا البنك ، خصوصاً وكل الأدلة تشير اليه وتتهمه من قبل الجميع بالنسبة لما يجري في جنوبنا ، وما يجري في جنوبنا اليوم ليس بالقليل أصلاً .
هنا ايضاً كنت أتمنى أن تنبري قيادتنا في المجلس الإنتقالي بالإضطلاع وتبنّي مثل هذه المطالبات ، وأن تمارس كل الضغوط السياسية وإشعال الأرض بما عليها لتحقيقها ، لأنّ القضية هي قضية شعب يُطحن ويُفرم بلارحمة اليوم ، ثمّ أنه فوّض الإنتقالي بتبنّي قضاياه ونضالاته ، وشخصيّاً تواصلت مع بعض المعنيين بالشأن الإقتصادي في الإنتقالي بهذا الشأن من قبيل لعلّ وعسى .
كثيراً ماتناولنا وأشرنا الى أنّ أصل بلاء جنوبنا هو في البنك المركزي ، وكثيرٌ من الزملاء والكتاب تناولوا ذلك ايضاً ، لكن المؤسف أنّ كل هذه الطروحات والصراخ كان كالٱذان في مالطا ، واليوم مصرفيون وقريبون من أداء هذا البنك المركزي ، وعلى صلة مباشرة بنشاطه يدلون بهذه الوقائع الصّادمة ، ونشرت ذلك صحيفة إتّسمت طوال عهدها بالصدقية والواقعية في تناولاتها وطروحاتها ايضاً ، فهل ستمر مثل هذه الوقائع االكارثية على جنوبنا مرور الكرام ؟!
إنها سياسة التّركيع لجنوبنا بالنّاعم وبالقوة الغاشمة ايضاً ، ورأس حربة أباطرة الشمال ونافذيه اليوم هو هذا البنك المركزي ، ومن يُعيّن النّافذين فيه هو الغول الأحمر الذي صبغ كل حياتنا بالسّواد ، وحتى نظلّ خاضعين تحت أقدامهم بذريعة هذه الوحدة الشؤم ، ولذلك ٱن أن تتبدّل وسائل وأدوات أدائنا وفعلنا ، ولأننا في وضع ثورة أصلاً ، ولسنا دولة قائمة حتى نتشاور ونتباحث ونضع إعتبارات لرؤى وضغوطات الٱخرين وحتى إملاءاتهم ، ثمّ أنّ شعبنا الجنوبي يموت من الجوع اليوم ، كما ٱراضي جنوبنا في شبوة تُقوّض مديرية بعد الأخرى ايضاً ، أليس كذلك ؟