مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

سكان المناطق المحررة .. معاناة الحرب والاقتصاد

قد تكون خطوات إعادة انتشار تموضع القوات العسكرية للتحالف والقوات اليمنية التابعة للحكومة اليمنية بمنطقة العمليات بالفعل جاءت ضمن خطط عسكرية من قيادة القوات المشتركة للتحالف تتوائم مع الاستراتيجية العسكرية لدعم الحكومة اليمنية في معركتها الوطنية على الجبهات كافة كما صرح بذلك  المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية العميد الركن تركي المالكي ، او ربما جاءت نتيجة لتشابه الاوضاع العسكرية الصعبة  مع الاوضاع الاقتصادية السيئة ، التي تمر بها  المناطق المحررة.

في المفهوم العسكري إعادة انتشار القوات العسكرية لا يعني الانسحاب ، بل استراتيجية عسكرية  على أساس التقييم العملياتي والتكتيكي لتحقيق هدف معين وحيوي .
 
بالنسبة للقوى الاقليمية والدولية المتصلة بالصراع اليمني، فإن عمليات إعادة الانتشار هي عملية مفهومة و توافقية بالغة الاهمية مع تحول عامل القوة العسكرية من عامل حسم للحروب إلى فاعل رئيسي في كسب رهانات السلام واولها الرهان الاقتصادي المتصل بالمصالح  الاستراتيجية ( الثروات ، الموقع الجغرافي ،الموانئ ، الممرات مائية ) وما يترتب عليها من تهديد أمني وارهابي لمصالحها ، فجذور الصراعات والعداوات والحروب تحددها في نهاية المطاف دوافع اقتصادية.

الاقتصاد هو أحد العوامل التي تحتوي بشكل خفي أو مفتوح على مصادر التناقضات التي تؤدي إلى الصدامات بين الفئات الاجتماعية والدول وائتلافاتهم ، وإذا كنا في منطق كل شيء للجبهة ،  فمن الطبيعي أن نتوقع حدوث ازمات حادة وفشل في الأنشطة المالية والاقتصادية وفي حركة السلع والخدمات والموارد المالية والبرامج التي تهدف إلى الأغراض غير العسكرية  كالطب والتعليم .. الخ ، اما في الحالة اليمينة   فالحرب اخرجت الامور الاقتصادية عن السيطرة و وصلت الى انعدام الراتب مصحوب بغلاء فاحش وفساد ونهب مال عام  مفتوح وفقر مدقع حتى البنك المركزي تعين عليه التخلي عن جزء من استقلاليته ، والسكان والمستثمرون لا يفهمون ما يحدث .

لا تجري عملية إعادة انتشار القوات العسكرية إلا لتحقيق أهداف محددة تتراوح بين أهداف تنظيمية إجرائية وأخرى استراتيجية في منتهى الاهمية وجميعها تقف على امدادات مختلفة عسكرية وغذائية ، لذلك على  التحالف الى جانب اعادة التموضع العسكري عليه اعادة ترتيب الاوضاع الاقتصادية في المناطق المحررة التي يطحنها الغلاء والفقر والفساد قبل ان تشهد هذه المناطق اضطرابات تخرج عن سيطرة التحالف والشرعية والانتقالي ، فالناس في هذه  المناطق اصبحت قاب قوسين او ادنى من الانفجار إن لم يتم اعادة تصحيح وتحسين اوضاع معيشتها.

في الظروف الحديثة قد ترتبط عملية إعادة الانتشار بمعطيات  امنية أو نتيجة معلومات عن إمكانية حدوث اختراقات نوعية خطيرة ، او قد تكون تنفيذاً لقرار  سياسي معين ، لكن العلاقة بين الحرب  والاقتصاد هي الاهم و الأكثر تماسكًا ، فالاقتصاد عنصراً مشاركًا مباشرًا في التحضير للحرب وإدارتها .