ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):

تركنا الدراسة وإنشغلنا بالسياسة

من التقاليد الثابتة في زواج المصريين، أن الزوج تقع عليه مسؤولية توفير السكن المناسب الذي يرضي زوجة المستقبل، بينما يتكفل أهل الزوجة بتوفير الاثاث لسكن العروسين، فتصبح قضية الزواج هي علاقة تكاملية بين الزوجين، وتعاون مشترك لبناء مستقبلهما.

  تختلف هذه التقاليد في المجتمع العراقي، والمسؤولية تقع كاملة على عاتق الزوج، فهو من يدفع المهر ويشتري ذهب الخطوبة، ويكد في بناء منزل أو تأجيره، وشراء الاثاث المناسب له، وما على الزوجة إلا أن تختار، وتقدر الحالة المادية لزوجها.

   يبدو أن وزارة التربية العراقية قد تأثرت بالحالة المصرية! وأرادت نقل هذا التجربة الى العراق، وتطبيقها على المدارس العراقية، فعند إنطلاق الدوام الحضوري للطلاب، بعد إنقطاع دام سنتين نتيجة تفشي فايروس كورونا، كان المتوقع أن تكون المدارس جاهزة لإستقبالهم على أكمل وجه.. فالمدارس القديمة يفترض أن يكون تم صيانتها، وتوفير الكراسي المدرسية والآثاث فيها، وإنشاء مدارس جديدة تستوعب الزيادة في أعداد الطلبة، وطباعة كتب جديدة لما يزيد على عشرة ملايين طالب، وتهيئة الكوادر التدريسية على أكمل وجه، من أجل التعويض عما فات خلال السنتين الماضيتين.

   لكن وزارة التربية أخذت دور العريس المصري! فقالت لأولياء الأمور : " الشقة عليً والعفش عليكم " فكانت المدارس فارغة.. إلا من جدران لا تقي من حر أو برد، وكأنها خرائب مهجورة، ولا توجد كتب جديدة ولا قرطاسية ولا مستلزمات مدرسية، ولا يدري أولياء الطلبة أينشغلون بتوفير الكتب المدرسية، أو شراء الكراسي والمستلزمات لتلك المدارس الفارغة.

  أما الهيئات التدريسية فلا تدري وفق أي خطة عمل تدرس، فبعض الصفوف دوامها أربع أيام وأخرى أما خمس أو ست أيام، وبعض المدارس فيها الدوام ثلاثي أو ثنائي، وأعداد الطلبة يتجاوز في بعضها الألف طالب! مما ولد مشاكل كبيرة، أدت الى بعض الإعتداءات والتجاوزات بين أولياء الأمور والتدريسيين.

  كل هذه الفوضى، والغالبية منشغل في أمر آخر، وأخبار الصراعات السياسية ونتائج الإنتخابات هي الغالبة على الأوضاع العراقية، وعلى ما يبدو أن الجميع إنشغل بالحاضر ونسي المستقبل، ولم ندرك أننا إنشغلنا بالسياسية وتركنا الدراسة.