ملامح العدني تكتب لـ(اليوم الثامن):

كيف أصبح اليمن (الممزق) واحدا؟ (الجزء الأول)

جدل لا يزال متواصلا بشأن مشاركة فريق الناشئين في بطولة غرب آسيا وفوزه بالكأس، كأول انجاز رياضي يحقق هؤلاء الفتية، ولكن ما كان مرفوضا هو التوظيف السياسي لهذا الحدث الرياضي، ومحاولة تصوير الأمر للناس بان الفوز بكأس آسيا دليل على الوحدة اليمنية.

الجنوبيون هم دعاة الوحدة وهم من قدموا في سبيل تحقيق الوحدة تنازلات كبيرة، من علم الدولة الى العاصمة والرئاسة والنائب والثروة والمساحة الشاسعة والموقع الجيوسياسي، وغيرها الكثير، في حين لم يقدم الطرف الأخر أي شيء.

وكانت تنازلات الجنوبيين في سبيل تحقيق الوحدة العربية الشاملة، استجابة لدعوات القومية العربية والزعيم الراحل جمال عبدالناصر الرئيس المصري الذي وقع وحدة مع سوريا وفشلت وعاد البلدان بشكل سلسل الى ما قبل الاتحاد.

على عكس الطرف اليمني والشريك في توقيع الوحدة، فبدلا من ان تكون أنموذجا يحتذى بها، تحولت الى كابوس مرعب، وبدأت بإقصاء الكوادر الجنوبية، ومنهم عمي الحاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من أحد جامعات الاتحاد السوفيتي سابقاً.

والسبب لإقصاء عمي أنه رفض ان يوقع على امور غير قانونية، وتم استبداله بعسكري شمالي لا يفهم أي شيء، وما عمي الا جزء بسيط من شعب كامل تم تهميشه لهكذا أسباب، لذلك نحن بالجنوب لم نكن نطالب بفك الارتباط عبثا في ١٩٩٤بل مما ذاقه اهلنا كوادرنا ورجال دولتنا.

بعد حرب ١٩٩٤ حاول الجنوبيين ان يتأقلموا مع الوضع وحاولوا ان يأملوا خيرا من ما تسمى الوحدة وصبروا ولكن للأسف كان في كل سنه يتم اقصاء كوادر جنوبية نزيهة واحلال بدلها قيادات مليشاوية  من اليمن الشمالي.

الى عام ٢٠٠٧ عام انطلاق شراره الثورة والمطالبة بحقوق الجنوبيين كاملة  بدأ الجنوبيون يعرفون مالهم وما عليهم وانتهى نظام صنعاء في كل جنوبي حر شريف اما الجنوبيين الخونة والمرتزقة والذين باعوا الاراضي والخيرات الجنوبية لمتنفذين شماليين فقد كرموا وبقوا في مناصبهم بل ترقوا. وظائف كبيرة.

كافح الجنوبيون بقوة واصرار الى ان وصلوا لعام ٢٠١١، ومن هنا عرف حتى الاشقاء في اليمن انهم ضحية ساسة قذرين يهمهم فقط مصالحهم الشخصية.

 وخرج المواطنون اليمنيون في ثورة ضد الحاكم في صنعاء، ورددوا هتافات "ارحل يا علي" فعلي عبدالله صالح المسمى بعفاش الان هو من كان رئيس اليمن، وقاوموا في ساحات مرددين الهتافات تعرضوا للقتل والحرق في ابشع صورة، حتى نالوا مطالبهم باقتلاع الفاسد الذي دمر اليمن جنوبا وشمالا ليتأكدوا لأخوتهم في الجنوب ان الجنوبيين كانوا على حق حين طالبوا بفك الارتباط".

الجنوبيون اختاروا السلمية في نضالهم ومطالب حقوقيهم وكان ابرز شعارات رفعت شعار (اما استعدنا الكرامة او موت وسط الميادين).

 وفي ٢٠١٤ جاء ما يسمى بمؤتمر الحوار الذي اثبت للكل ان الوحدة اليمنية ماتت حين تم إطلاق ما يسمى بالأقاليم.. رنة للذين يتحدثون عن الوحدة نريد ان نذكرهم انها ماتت موتا نهائيا سياسيا ورسميا وقانونيا في ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني وفرض واطلاق الأقاليم لو ان الوحدة كانت موجودة لما اطلقوا الأقاليم المرفوض أساسا في الشمال.

ولنكن منصفين أكثر نعم وافق الجنوبيين لأنهم ارادوا استعادة خيراتهم وثرواتهم وهذا ما كان يهمهم، فهم اصحاب حق ويعرفون النظام والقانون كيف لا، وهم كانت دولتهم تسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي عرفت بالنظام والقانون.

 ولكن هنا يأتي الغدر الشمالي وبتحديد في ٢٠١٥ حين حاصرت كل القوى الشمالية الرئيس الجنوبي عبدربه منصور هادي، فكيف لهم ان يقبلوا بحكم جنوبي وهم الذين لا يريدون اي جنوبي ان يشاركهم السلطة.

بصعوبة بالغة نجأ هادي من الغدر والمكيدة وعاد الى مكانه الاصلي "عاصمة الدولة الجنوبية عدن"

ولكن لم يعجبهم كذلك ان يبقى في وطنه وارضه بل أرسلوا له سلاح الجو الجنوبي الذي استحوذوا عليه في ١٩٩٠، وتم قصفه في قصر معاشيق.

وحاولوا اغتيال هادي بكل طاقتهم لم ولن تنسى عدن ذاك اليوم المخيف المشؤوم حين كنا خائفين من بطش الشماليين وعدوانهم  وحينها تصدوا ابطالنا الجنوبيين بدفاعات الجنوبية لتلك الطائرات وغادر هادي الوطن الى عمان ثم الى ارض المملكة العربية السعودية واعطى الضوء الاخضر للأشقاء في دول الخليج ودول العربية ان يتدخلوا لينقذوا ما تبقى من ارض الجنوب فانطلقت عاصفه الحزم في ٢٠١٥/٣/٢٦ الثانية فجرا في صنعاء، ولكن لم يكن كافيا فعدن في خطر والطيران والمدد لم يأت الى عدن كيف تصمد عدن امام جيش مليشاوي شمالي شمالي  قادم كتتار ليلتهم عدن واهلها بل  كل اراضي الجنوب عامة ويغير دينهم ومنهجهم وينتهك عرضهم

خرج اهالي عدن وحملوا السلاح الذي لم يعرفونه ابدا ولم يستخدمونه قط فمن المعروف عن عدن انها عاصمة السلام والتعايش مع كل الاديان وعاصمة اهلها مسالمون.

وانتفضت الضالع ويافع ولحج وابين وشبوه وحضرموت والمهرة وكل المدن الجنوبية مرددين شعارا واحدا (اما استعدنا الكرامة او موت وسط الميادين)، وبالفعل تحررت عدن والمدن الجنوبية على ايادي رجالها ودعم الاشقاء في دول التحالف العربي، وماتت الوحدة والأقاليم ومات باب اليمن في قلوب الجنوبيين.

انتهت زمن الغطرسة والقبضة العسكرية والاحتلال، وعادت عدن لأهلها وعاد جيش الجنوب يتشكل رويدا رويدا، على أمل أن يكف ساسة الشمال عن التحريض على الجنوبيين، ويقبلوا بأن زمن الهيمنة ذهب بلا رجعة... يتبع

-طبيبة وناشطة مدنية تكتب باسم مستعار