هشام الحاج يكتب:
الفساد والفقر وعلاقتهما بالمجتمع
يقال بأن الفساد هو ظلم الفقراء، ولهذا فإن الفساد بمختلف انواعه يعتبر آفة اجتماعية وخطراً يتهدد المجتمع اليمني ولا بد من محاربة كل انواع وظواهر الفساد لاجل تطهير المجتمع من ذيول الفساد الذي يشكل خطراً داهم يمس كل مظاهر الحياة ، ومن مراجعة الأدبيات الحديثة التي يتم تداولها عالمياً حول تعريف الفساد ، فإن ثمة تعريفات عدة يمكن إيرادها، وهي وإن كانت تأتي بصيغ مختلفة فإنها تتفق في النهاية على اعتبار الفساد ظاهرة خطيرة تكمن في سوء استخدام الموقع العام لتحقيق مصالح شخصية.
وعموما يعتبر الفساد ظاهرة كونية تنتشر في جميع بلدان العالم دون استثناء وإن كانت بنسب وتأثيرات متفاوتة وأشكال مختلفة، والتعريفات الأكثر شيوعا عن الفساد تفسره بأنه "الشطط في استعمال سلطة الموقع العام واستغلالها من اجل الحصول على امتيازات تخدم مصالح خاصة ".
وهناك دراسة أمريكية تقول أن ثلاث فئات في المجتمع هي المستفيدة من الفساد المالي والإداري، حيث أصبحت من أغنى فئات المجتمع وفي مقدمتها:
1_ رجال السياسة
2_ بعض رجال الدين
3_ التجار
فالمشكلة هي في رسم السياسة المفقرة والذي يشترك في هذه المؤامرة التفقيرية للحفاظ على استمرار بقائهم في مناصبهم وتنمية كروشهم، وأن هناك علاقة طردية بين الثلاث الفئات وكل ما زاد الفساد زادهم من التمكين الاجتماعي ويزداد الفقر والتأخر في نهضة المجتمع.
فنقول مثلاً تجربة إنهيار العملة في فنزويلا وهي أكبر الدول المصدرة للبترول وهي عضو رئيسي في أوبك، فهناك تخادم مصالح بين السياسي وبعض رجال الدين والتجار، وهذا التخادم لمصلحة هؤلاء الثلاثة.
ولو تعمقنا في أوجه الفساد عندنا في بلادنا منها الفساد المتحضر الذي كان قائم في فترة ثمانينيات القرن الماضي، وهو مايسمى بالفساد المتحضر، مثلا كان فساد الطالب يتم عبر تعليم الطالب في عدن وصنعاء ويستلم مبلغ مالي ويلبس ويشترك في عجلة التنمية ويخدم المجتمع بكرامة هذا كمنوذج والنموذج الآخر للفساد المتحضر هو ضرب القطاع الخاص آبان تلك الفترة (السبعينيات والثمانينات).
فأقول لقد أخطأت السياسات السابقة في التأمين وهو شمالا وجنوباً فهو إحدى نماذج ضرب الوطن، ونقول أصبح الفساد متجذر كبيراً الآن وأصبح متجذر ضرورة حديدية من الأسفل إلى الأعلى ومنظم بمنظمومة مصفوفة للفساد الظاهر والمتخفي ويعتبر في الدول النامية هو لضرب المجتمعات الفقيرة والدول المتخلفة (العالم الثالث) حيث تستطيع المجتمعات المتحضرة استغلالها أما من قبل السياسيين أو بعض رجال الدين أو شرائح المجتمع المتخلفة وهي أساساً تضرب المجتمعات الفقيرة ولا تستطيع تلك المجتمعات النهوض من خلال ضرب التعليم، الصحة ، الإدارة، القانون، فهي أساس بناء الدولة والمجتمع وهكذا نستطيع أن نقول إن الفساد مرتبط ارتباطا مباشرا بالفقر والمجتمع وبفئاته الثلاث التي تلعب دوراً مهماً في تخلف المجتمع، وبدون التعليم والصحة والإدارة والقانون لا نستطيع أن نبني أي مجتمع مالم يتم ضرب الفساد.
سوء إدارة الحكومة هو الوجه الآخر للفساد، قد يكون أقل قبحاً لكن ليس أقل ضرراً ، خاصةً أنه يعيق نجاح البلدان النامية، فما زالت العديد من دول العالم الثالث تعاني من الفقر بسبب الإدارة غير السليمة وقلة الكفاءة في الحكومات، مما يؤدي إلى الفشل في إدارة ومراقبة موارد الدخل القومي، إضافة إلى الفشل في الدبلوماسية الذي يقوض الانفتاح التجاري على العالم، ويجعل تلك الحكومات راضخة للفساد.
وأبرز مثال على ذلك، الدخل القومي الذي يتم توليده من مصادر عديدة مثل: جباية الضرائب، السياحة، الاستيراد والتصدير، إلخ. الذي يتطلب وجود هيئات وأنظمة ذات كفاءة عالية لتحقيق أفضل استخدام للإيرادات المحصلة وزيادتها، لكن لسوء الحظ بالنسبة للبلدان النامية، لا يصب جزء كبير من هذه الأموال في خزائن الدولة، وينتهي الأمر به في جيوب أفراد هنا وهناك من أصحاب النفوذ ومنتفعيهم.
في الأخير نقول: يمكن تخفيف آثار الفساد في توزيع الدخل من خلال تبني سياسات محاربة الفساد التي تتركز في تبني أعلى درجات الشفافية في السياسات والأنظمة والإجراءات والإنفاق والمشاريع الحكومية والمعلومات، والإدارة السليمة في استغلال الموارد الطبيعية، وتفعيل سياسات الحوكمة والرشادة ومحاسبة المسؤولين.
ويلعب تبسيط الإجراءات والأنظمة الحكومية وتوضيحها وتحديد المسؤوليات بشفافية دورا في الحد من الفساد، كما يمكن أن يساعد تبني معاير جودة الخدمات الحكومية دورا محوريا على التصدي للفساد بأشكاله كافة.
وباستطاعة الإعلام الحيادي والنزيه والمحترف أن يلعب دورا قويا في محاربة الفساد من خلال فضح ممارسات الفساد والذين يقفون وراءه.
وعموما يؤثر الفساد بدرجة أقوى في الفقراء ومحدودي الدخل أكثر من غيرهم وذلك لتدني نفوذهم وتأثيرهم في المؤسسات والسياسات الحكومية. ولهذا فإن خفض مستويات الفساد يرفع المظالم التي يتسبب فيها عن الشرائح السكانية متدنية الدخل.