مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):

صنعاء وعدن.. عالمان مختلفان تحت اسم الوحدة

بعد الوحدة انقلب مشايخ الهضبة على كل الاتفاقات القائمة مع الجنوب ولم يعملوا ابداً على  تبني حتى فكرة وطنية واحده ، اما بعد حرب عام 1994 تغيرت  العلاقة بين شريكي الوحدة وتم ادارة دولة الوحدة بصيغة المنتصر في الحرب ، واليوم هم من يتحمل مسؤولية الحروب الانهيار المتسارع لدولة الوحدة و تدهور الاوضاع الاقتصادية والصراعات السياسية في البلاد .

غالبًا ما يتم تجاهل العوامل الرئيسية ، التي ساهمت في تدهور الوحدة  وانقسام المجتمع وعودة طرح الجنوبيين لموضوع فك الارتباط بقوة وهي كالتالي :

-         رفض مشايخ الهضبة تقبل الجنوب وشعبه كما هو ، ومحاولاتهم المستمرة والى يومنا هذا تغيير الجنوب من حيث  الديمغرافيا  والثقافة والهوية والجغرافيا والسيطرة على ثرواته ونهبها ، الامر الذي يعتبره الجنوبيون نهج خطر تجاههم و تهديدًا لوجودهم ولاستقرارهم الداخلي و للجنوب ككل .

-         ينظر رجال الهضبة  إلى قبائلهم  ومشايخها باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن دولة الوحدة وامنها ،  هذه الطريقة والعقلية في نظر الجنوبيون  تهدد أمن الدولة والمجتمع  و حقهم كشركاء  في  ادارة البلاد  وامنهم وحقوقهم بشكل خاص .

-         سعى الجنوبيون  إلى العدالة الاجتماعية واستعادة الحقوق المدنية و الدينية بسلمية ولكنهم لم يجدوا آذاناً مصغية من الشريك الشمالي الحاكم للبلاد وتم عزلهم وظلمهم داخليا وخارجياً.

العلاقة بين طرفي الوحدة خلال الــ27 عاما الماضية  كانت غير ودية بسبب الادارة الاحادية  للدولة  من قبل الهضبة و دون تقسيمها إلى مصالح رئيسية وثانوية بشكل عادل  مع  الشريك الجنوبي ، وعندما احتج الجنوبيون على سياسة الاقصاء والتهميش  أصر مشايخ الهضبة في الشمال  على احقيتهم بالدولة وقوتها  وادارتها و مصادرة مواردها لانهم  "سلطة سماوية " كما يدعون دائما  اضافوا على ذلك اختراع مفهوم عودة الفرع الى الاصل  الذي ابتدعوه لا نفسهم  جماعة الفيد المتخلف ، وهي الجماعة التي نشرت  التنظيمات الارهابية في حدود الجغرافيا الجنوبية فقط واشغلوا  الجنوبيين بقضايا داخلية خطرة كالإرهاب والانقسامات و الاشاعات وزرع الفتن  .

ان اللعب على مشاعر الوحدة وخطر الحوثي  لتقوية مواقف ما تبقى من مشايخ واحزاب الهضبة في الجنوب  لن يجدي نفعاً ، لان  صورة الشمال في الجنوب سلبية للغاية والعكس كذلك ، كما ان فرص التعاون مغلقة لإعادة الثقة بين الطرفين خاصة مع  بروز تقاطع مصالح دول الاقليم والدول العظمى.

 لكسر  المأزق السياسي الحالي سيتعين على  مشايخ واحزاب الهضبة إجراء العديد من  " التغييرات " الرئيسية في علاقتهم مع  الجنوبيين ، بما في ذلك  تحديد أولويات السياسة الخارجية للبلاد خاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية  مع التركيز على المجالات الرئيسية  من ضمنها  موضوع فك الارتباط  والاستقرار الاستراتيجي للبلاد والمنطقة  وترك الهيكل السياسي والامني الداخلي للجنوب حسب تقدير الجنوبيين أنفسهم  ،إذ  ليس من المنطقي من الجنوبيين الاخذ بهذه التغيرات في الشمال  و التعهد من بعدها  بالعودة السريعة الى حضن هذه القبائل المتخلفة والغدارة  والأمل في نتيجة مختلفة .