د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عندما يطعنك العاقون من أبنائك يا وطني

وطني نعلم أن مصابك جلل بأبنائك العاقين ممن تمادوا من فاسدين ولصوص ومتخاذلين ومتطاولين بألسنتهم هو مُصاب جلل , فما أصعبها من لحظة يشعر بها الأب بقسوة أبنائه بعدما ضمهم سنينا طوالا وأعطاهم دون كلل وقدم لأجلهم الكثير وحين احتاجهم في ضعفه تركوه يئن ألما وحزنا وقهرا !! 
 
فما أصعب الدمعة حين تخنقنا حزنا وقهرا عليك يا وطني الجريح حين تبكي من أبنائك العاقين الذين يرون أنهم أكبر منك ويسعون لذاتهم على حسابك ..فسحقا لهم .
 
والتحية   لكل من يرى الوطن أكبر واهم من الروح .. يقف لأجله ويخدمه ..فخدمة الوطن لم تكن حكرا لمسئول أو غيره . فهي ملك للجميع دون استثناء يعززها روح الانتماء والصدق والإخلاص بالعمل .
فالوطن الآن مرهق ..متعب يقسو علينا لأن المريض بطبعه يقسو من شدة الألم
فلنمنحه صدقنا وإخلاصنا دون انتظار شيء !! 
 
فأصبر يا وطني . . لان البارين بك سينصرونك قريبا لا محالة وزمن الصغار سيزول . 
فسلامَ على كل من يسعى لخير هذا الوطن بدءا من عامل النظافة وانتهاء بالمسئول الذي رأى أن الوطن أكبر من كل المناصب فسعى لرفعته ورقيه 
وسلام على من يعطي للوطن قبل أن يأخذ لأنه يرى الوطن يكبر كلما أعطاه وضحى لأجله .وسلام على من يبني ليكبر وطنه وسحقا لمن يسعى ليهدم وطنه .
وطني عند محاكا تك، قلمي لا يخط إلا الألم و أكتب لغة لا يفك طلاسمها إلا الحنين، أبجديتها شوق و مفرداتها أنين و مدادها دمع العين !!
كلما مالت النجوم إلى الأفول وزادت حلكة ليل الغربة يتمثل لي و جه أبي الذي سقط شهيدا وأرى خياله  كل ليلة  في صفحة سماء المهجر  الكئيب ليذكرني بأن وراء بريق الأمصار و الأوطان يوجد وراء الأفق هناك بين كثبان الرمل وزرقة البحر وطن مسلوب وشهداء ماتوا أحرارا على ثراه ورغم ذلك كله  بقى وطني مرفوع الهامة لا ينحني للطغاة  مهما حصل .. و بقي  و طني ذلك الشبح الذي يعكر سكون ليلي بآهات الأشباح، تلك الفئة المغيبة من المواطنين التي لا عنوان لها سوى أمل  يحرقها طول الانتظار و هي تنظر لصورة  ابنها اصفرت من الغبار!!
و طني سؤال لم أجد له جوابا، وطني يرزح تحت وطأة الذئاب فتحول إلى مسلخ كبير تنحر فيه القيم و تقام فيه طقوس سلخ الكرامة و تكسر فيه الهمم و طني صرخة ألم  أنا المفتون به أسمعها من وراء البحار و من فوق القمم …  سيقال عني مجنون يسمع الصراخ و الأنين حيث الراحة و السكون، وطني صرخة مظلوم و طني دمعة محروم، و طني بلاد جيل مهزوم…. في غربتي ألبس جبة رجل مقهور ثار على واقع كله ظلم وجور و هو يهذي وتبقى مأساتنا صامدة
هكذا أحاكي وطني في غربتي حيث تعلمت أن أكون إنسانا يعيش ليحيا أخاه الإنسان، و طني صرخة ألم !!
على عزف الألم أكتب وقلمي ينزف ويقطر دما على معاناة شعب الجنوب الذي شرب الحنظل من أجل كرامته  وتجرع السم من ثغر العزة والشموخ التي ظل ولا زال متمسكا بها حتى النهاية . 
ألا نفخر بهذا الشعب العظيم الذي عقه بعض أبنائه وأذهل العالم بإيمانه بحريته وصبره وقيمه ومبادئه ؟!!
 
ورغم الألم وقسوة المعاناة  ستبقى يا وطني رمزاً للشموخ والعنفوان وستبقى المنارة التي تضيئ دروب الشرفاء والأحرار ..ستبقى يا وطني رمزاً للعزة والكرامة رغم انوف الحاقدين عليك يا وطني....سأفتخر بانتمائي اليك فأنت مسقط رأسي وجذوري وهويتي  وعنواني الدائم حتى لو كنت في قبري ففيك مسقط رأسي وطفولتي وشبابي وذكرياتي  التي ستبقى  بعد مماتي وصية لأبنائي ووصيتي لهم أن يدفنوني في ترابك يا وطني فأنت أغلى  واعز بقعة عندي في هذا العالم  .. وطني الحبيب حماك الله يا اغلى وطن .
د. علوي عمر بن فريد