صالح الضالعي يكتب:

من يؤنسني في وحشتي

صعب علينا أن نرتكن في زاوية الغرفة دون مؤنس – الليل البهيم داهمنا وخيوط الشمس تطوي عقارب الساعة وتوقفها عن الدوران .
 
يلج الليل متسللا ليكوي ذاكرة نهارنا الاكثر إشراقة مع حبيب.
تدور عجلات يومنا وقلوبنا تتودج خيفة – نتابط فراقا غير مصدقا بأن خلجات الأعين ستأخذ مساحتها من ويل الظلام الذي طمس مشاعرنا وحجب عنا الرؤية.
أذن المؤذن صادحا في ماذنه عن بكائيات مصلى ليس لها من لحظات الوداع الا حين وقع على ورقة التكليف ايذانا عن رحلة صديق صدوق إلى مسقط رأسه في حضرموت.
 
داهمتنا الويلات حينما دارت عجلات مركبتنا ونحن نرقب رسائله النصية التي يطلب فيها تزويده بالعشاء والسيجارة والماء – هكذا هى الحياة بمرها وحلوها والحالفة يمينا بأنها لن تدوم لنا ولا لغيرنا– الا انها قالت إن الذكريات ستضل محفورة في أقفاص صدورنا ماحيينا وفي مماتنا أيضا ستدون تلك الذكريات على قاموس المحبين من كلا الجنسين– توقفت عجلات المركبة التي توشحت مكانها المعتاد – ترجلنا ومشينا على أقدامنا المتثاقلة حتى وصلنا عتبات منزلنا– لاشي يدعونا للتفاؤل بعد تأكدنا من بوابة منزلنا مغلقة بإحكام – تولد لدينا هاجسا مرعبا موحشا مفجعا مكهلا حتى فاضت أعيننا بادمعها حزنا لفراق حبيب مرافقا لنا في غدونا ورواحنا – صباحنا ومساءنا – تقافزت نظراتنا نحو الزاوية التي يتخذها ابو ( عوض ) – ولجت فؤادنا جراحات والام قرار السفر من قبله متجها صوب يوم صرخته متضجرا من حياة مليئة بالاهات والأنات.
 
لاخيار لنا الا قبولنا بواقع فرض علينا جبرا – واقع أشبه بخرابة دار بعد أن كان مليئا بالواقع السياسي والتحليلي لمجريات الأحداث في جنوبنا الحبيب.
 
لمن اشكو واقعنا اليوم وكيف بنا أن نحتسي كاس الصداقة بعد فراق ، ماذا عسانا أن نفعل في إيقاد سيجارتنا ونفثها في زاويتنا الملبدة بغيم – اواه من فراغ قاتل يعتصره الهم والغم والوحشة دون انس أو انيس – غادر( محمد بامطرف)  عتبات المنزل مخلفا لنا بصمات أضغاث احلام عنوانه كان هنا – انا اليوم غريبا وساتوسد معطف وجع لتعرتيني الفرقة في يوم كان هو وانا نتبادل أقطاب الحديث للأحداث ومجرياتها المتسارعة.
 
اليوم أصبحت غريبا ،وغدا غريبا وساغدو بعد غد غريبا إلى أن يعود ابو عوض حاملا معه تباشير يوم قدومه لمواصلة مشوار ميل بداناه بخطوة – الا هل من مؤنس يؤنسني في وحشتي هذه الا هل من مجيب ؟