د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
صرخة شعب واستغاثة وطن
وطني الجنوب العربي مهما طال بعدي عنك سيبقى حبي لك يسري في دمي ويتدفق في عروقي ويزهر في قلبي وتتفتح براعمه كالفل الأبيض الذي يطوق رقاب الصبايا الحسان الجامحات وهن يعبرن الحقول ويقطفن ثمارك ويرددن مواويل الغناء والفرح التي لا زلت أعيد شريطها في خيالي ويقظتي ومنامي !!
ستضل أنت الأروع والأجمل لوحة خضراء تجسد الزمان والمكان وتحكي اريج الماضي ومرارة الحاضر، وشذى المستقبل وعطره ونسيمه الذي أشمه على أجنحة النوارس المحلقة فوق البحار الآتية من الزمن القادم .
اليوم يا وطني أخط حروفي وكلماتي شعرا ونثرا فيك بعد إن صاغها القلب بكل صدق وتحملها أشواقي اليك رغم بعد المسافات وأقف خجلا مرتبكا أمام هيبتك وصبرك الذي تنوءُ بحمله الجبال الراسيات ... أحييك على صمودك وقد أشعلت الثورة في شعب جعلته يهتف بصوت واحد باسمك من باب المندب حتى المهرة.. يناشد الشرفاء من أبنائك لنجدتك وأنت محاصر بالحروب والمجاعة وتفتك بك الأوبئة والأمراض ، معلنا أمام الملأ أن أبناء الجنوب البررة لا يخشون الموت من أجلك لأنك وطن العزة والمحبة والكبرياء والشموخ.
انهض يا وطني فقد نهض الزمن وازاح عن جبينه تراب السنين ، قف بكل كبرياء مع أبناءك الذين قرروا أن يثأروا ممن أتعبوك وخنقوك وأرادوا بك شرا يا سيد الأوطان .
انهض يا جنوب العزة والشموخ يا مهد الحضارات وسفر التاريخ وموطن إرم ذات العماد وثمود وأوسان وقتبان و اليزنيين وملوك الزمان وأقيال العصور وأحفاد الأنصار وقادة الفتوحات والأمصار ، انهض يامن تصدر المجد وتوسد التاريخ وسطر الملاحم وواجه بحزم كل القوى الشريرة التي تسعى للنيل من شموخك وتاريخك ....وهاهم اليوم يفرون أمام أحفادك في الجنوب ويُرهبهم سماع اسمك ويقضُ مضاجعهم ذكرك وتقلقهم دائما شجاعة أحفادك .
يا وطني العظيم لا تيأس ولا تنحني لعواصف الغدر التي جعلت بعض الخونة من أبنائك يَبنون انتصاراتهم الوهمية على فقرك المرسوم على وجوه البسطاء التي نهشها الحِرمان وقمعتها السنين الطّوال وظلم الحكّام الطغاة. الذين يَحتفلون في صالوناتهم الوثيرة وقصورهم وفنادقهم البعيدة التي أشادوها من امتصاص دمائك التي تسيل في الوديان والهضاب وهم في غرف نومهم المترفة مختبئون يسرقون خيراتك الطائلة وثرواتك الهائلة التي شنوا حروبهم عليك من أجلها وقاموا بتمزيق أشلائك الواهنة وإطفاء كل ومضة من نور استطعت إيقادها بضنى السّنين وعرق اللّيالي ومكابدة الجّراح أيّها الوطن الجميل !!
سوف نرثيك يا وطني في محنتك التي صنعها أبنائك بقدر ما حاكها لك أعداؤك. حين انهالت يَدُ الأخ بخنجر مسموم تطعن صدر أخيه الأعزل العاري وتستبيح ماله وتقوّض بناياته وتهدم أركانه .
وإنّ تسلل الغريب الفارسي الى اليمن ليس محبّةً فيه بل من أجل أن يَضمنَ هيمنته على كلا الأخوين الباغي والذي حَلَّ به البغي. فالغريب لا يعرف مصلحة إلاّ لنفسه ولا يؤمن بحقّ غيرَ حقّه ولا يُحارب من أجل شيء إلاّ لمكاسبه ولا ينتخي إلاّ حفاظاً على قدرته في أن يبقى أبداً سيّداً على الأخ الظّالم والمظلوم !!
أيّها الوطن إننا لن نبكيك ولن نرثيك بل سنفديك بأرواحنا وفلذات اكبادنا من الذين يحاولون انتزاع بنادقنا من أيدينا و ألسنتنا من أفواهنا ويجعلونها لا تنطق بغير التافه المُرائي. ولم يتركوا مجالا سوى للمدّاحين والدجّالين . فلا كلام إلاّ بما يتغنّى بأمجادهم وإن لم تكن سوى أوهام, ولا كلام إلاّ بما يُلهينا عمّا يفعلون. ولا نطق إلاّ أن يكون تعبُّداً وتهليلاً!!
د. علوي عمر بن فريد