عباس البخاتي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العمل الحزبي وفق رؤية الشهيد الحكيم
تعتمد الديموقراطيات الحديثة على التنظيم الحزبي، بإعتباره أساساً في إنضاج الافكار الرامية للإهتمام بشؤون الناس .
بالرغم من عدم الانسجام بين الحالة المجتمعية والحالة الحزبية الذي حصل مؤخراً في العراق، والتي كان نتيجة للأداء السيء لبعض من تصدى، مما ولد لدى بعض الشرائح تحفظاً حيال ممارسة العمل الحزبي .
إذ لا إنعكاس إيجابي على حياة الناس الأمر الذي يعني إبتعاد التطبيق عن النظرية وهو ما وقعت به بعض الأحزاب .
مهما يكن حجم التفاعل الشعبي مع الشأن الحزبي، إلا أن الشهيد الحكيم له رأي في ذلك .
يعتبر التنظيم الحزبي من وجهة نظره( قدس سره)، مؤسسة مبتكرة تهدف إلى التخطيط الناجح لتنظيم الأمور، وفي حال غياب هذا السلوك عن المشهد الإجتماعي ستحل الفوضى والعفوية، فيؤكد على أنه (ضرورة في حركة الفرد والمجتمع) .
إنه يرى ضرورة التنظيم في جميع شؤون الحياة، التي تخص الفرد والمجتمع، ومنها الِشأن السياسي الذي يكون الحزب أحد أدوات العمل فيه .
عند الحديث عن الحزبية كظاهرة عالمية, لابد من الإشارة إلى عوامل نشوؤها، المتمثلة بزوال سطوة الكنيسة، فاصبح الجو العام مساعداً على بلورة فكرة النظام الديمقراطي كمشجع على إشاعة روح التنافس لملء الساحة بادارة ناجحة للعمل السياسي .
يؤكد سماحته إن الحالة الإسلامية ليست بمعزل عن الصراع المصحوب بإختلاف معين عن الأساس والهدف .
هذا الإختلاف ولد خصوصية للعمل الحزبي الإسلامي، كونه يتعامل مع قاعدة ذات بناء عقائدي معين، تفرض على المتصدي تعزيز الثقة بين الجماهير والمرجعية التي طالما كانت هدفاً لقمع السلطة الحاكمة الأمر الذي ولد حالة من الإنفصال والإنعزال بين الطرفين .
التنوع الفكري للنسيج العراقي لم بك غائبا عن تفكير السيد الحكيم، الأمر الذي مكنه من التعامل بواقعية مع الآخر المختلف فكرياً فهو يولي إهتماماً بالغاً بضرورة الوعي الفكري والعقائدي لمواجهة التنظيمات الأخرى غير الإسلامية، وإن تطلب ذلك العمل بالسرية والحفاظ على حالة الكتمان تحاشياً الوقوع بالمحذور، سعياً لإنجاح اي جهد من قبل أي مسمىً يعمل وفق مقتضيات الإلتزام بقواعد الحق والعدل .
من يتابع حركة شهيد المحراب، يجده معتمداً في نهجه ( الحزبي _ الرسالي) على الجانب الشرعي الذي يكون الحزب من خلاله أداة تنفيذية ووسيلة تنظيمية، ويحذر من إتخاذ الحزب منافساً للقيادة الشرعية المتمثلة بالمرجعية، فمشروعية الحزب تتجسد من إشراف القيادة الشرعية عليه .
أما أن يطرح الحزب نفسه كمصدرٍ للقرار السياسي وموجه للأمة، فلا شرعية له وهو للإنحراف أقرب، وكل موقف سياسي يصدر عنه يكون موضعاً للشك والشبهة .
كذلك لابد للمؤسسة الحزبية أن تتمتع بروح الإنفتاح والتعاون مع كل الفعاليات العاملة في الساحة، وضرورة إبتعادها عن تبني المواقف المؤدية للتفرقة بين اوساط الأمة .
هنالك ثمة فرق بين أن يكون الحزب وسيلة أو كونه هدفاً إذ يؤكد الحكيم على من يتبنى الآيدلوجيا الإسلامية من الأحزاب ان يكون عاملا مساعداً للوصول إلى الأهداف السامية، وهو ما يتطلب نكران الذات والتفاني في خدمة القضية والذوبان في الهم الوطني والعقائدي المشترك .
إن الإصرار على التعصب في الإنتماء وتقديس المسميات والمغالاة في العناوين والإنغلاق على الذات _ كلها معاول هدم سرعان ما تطيح بالحزب نفسه قبل تحجيم دور منافسيه .