علي هادي الركابي يكتب لـ(اليوم الثامن):
( ام سالم) من نساء الزمن الجميل !!
الثورات تاكل ابنائها ؛ جمله رددها الكثير من الناس وفي اماكن مختلفة على مر التاريخ ؛ عبارة لايفهمها كل شعوب العالم ؛ بل فقط الشعوب التي اكتوت بتجارب الدكتاتورية المقيته ؛ وكيف ان الانسان يعتقل ويعذب وينفى ثم يقتل حيا بعد ان يدفن بتراب وطنه ؛ فنحتاج الى من يوثق هذه القصص ؛ لكي تدرك الاجيال القادمة ان العالم قد مر بتجارب الدكتاتوريات المتعفنه ،وابرزها البعث وحقبته اللعينة ؛ عند ذاك سنخرج جيلا فاهما مطبوعا على عقله عبارة ......البعث كان هنا .
قبل 32 عاما وفي مثل هذه الايام كانت الانتفاضة الشعبانية في العراق ؛ وكانت مدينه النصر في محافظة ذ قار احدى مدن الانتفاضة ؛ شارك اغلب شباب المدينه فيها ؛ ولظروف اقليمية اجهضت وبقسوة تم اعتقال اغلب المنتفضين والبعض منهم اتخذ طريق الهجرة الى ايران او السعودية ، كان سالم ورحمن هما الولدين البكر لام سالم قد شاركا في الانتفاضة ؛ وتم اعتقالهما واقتيادهما الى الرضوانية .
بدات ام سالم وابو سالم الذي كان يعمل موظفا بسيطا في بلدية النصر رحلة البحث الطويله عن ولديها في سجون النظام البعثي ، واستنفذت كل ما تملك في بذل المال والوقت في ايجاد بصيص امل ولو وهمي في ايجاد مكان احتجازهم؛ بدات تدفع الاتاوات لظباط الامن والمخابرات في بغداد لكن دون جدوى . مرت سنوات وبدا العوز والفقر يمخر بهذه العائلة،حيث تم قطع بطاقتهم التموينية وقطع راتب العائلة الوحيد لابي سالم ؛ بدا الفقر والعوز ياخذ مداه فيهم ويستنفذ قواهم ، بعدها تم اعتقال ابو سالم اكثر من مره وتم تعذيبه في سجون امن ذي قار ؛ وبدات ام سالم بالبحث عنه ايضا ؛ الى ان عثرت عليه مريضا عليلا وخرج بعدها من السجن ، ثم ما لبث طويلا وفارق الحياة على اثر الكبت والحزن والم فراق اولاده؛ رحل شابا بعد ان اكل البعث قلبه وجسده معا عام 1994 .
استمرت قصة المراه المجاهدة ام سالم في تحمل فراق زوجها وولديها وكذلك صعوبة توفير لقمة العيش لاولادها القاصرين من جهة ؛ واخرى ؛ مضايقات النظام البعثي لها واولادها القاصرين .لم تستستلم للقدر يوما ما ؛ اصرت ان تكون قوية ؛ كما عرفها الجميع ، كانت تنظر الى البعثيين بنظرة حقد كلما طرقوا الباب عليها يسالوها عن ابتزاز او اتاوة وهذه عادتهم القذرة في اذلال العوائل المعادية لهم . مرت السنوات وهي تعاني بين نارين نار الفراق ونار العوز الفقر وقله الناصر والمعين فهي لاتملك قبرا لولديها ولاتعرف اين هم وفي اي سجن او حتى معلومة عنهم .
سقط الصنم والبعث معا سقوط الجبناء ، استعدت ام سالم للبحث عن ولديها لعلها تجدهم احياءا او امواتا تدفنهم بالقرب من ابيهم ، لكن دون جدوى مر 20 عاما بعد التغيير وهي تعيش الحلم والفراق معا ، ولم تعثر على اي دليل اليهم كابدها الحزن والمرض الى ان خطف الله روحها النقية دون ان تحقق حلهما ، رحلت ام سالم وهي تبحث عن ابناءها الذين ضاغو بين المقابر الجماعية ودهاليز البعث المجرم ، رحلت وهي تشكو الى الله حسرتها لعل من يضمد تلك الحسره قد تجده امامها يوما ما في جنات الخلد عندها ستشكي الى الله ما لاقت من عذاب طوال سنين .انها حكاية من الزمن الجميل !!!.