مروان هائل يكتب لـ(اليوم الثامن):
المحسوبية تدمر البلد
غالبية دول العالم تعتبر المحسوبية ممارسة مدمرة و ضارة بالبلاد ، وفي بعض الحالات حتى جريمة جنائية ، اما في اليمن فهي جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية ولا توجد منافسة مفتوحة عمليًا على الوظائف في اليمن ، حيث تقوم الاكثرية في هرم الادارات الحكومية بتدفئة الكراسي للأقارب ، الذين سيتولون المناصب الجيدة بوجودهم ليساعدوهم في التجسس على بقية الموظفين و تغطية فسادهم ، كما ان روابط الاقارب تعزز ولاء الموظف بحيث لا يضطر المسئول إلى القلق بشأن منافس كفوء ان يصطاد منه كرسي المسئولية .
اصبح الكثير في اليمن يعلم بعدم وجود نظام عادل لاختيار الموظفين و ان الترقية والتعين في الوظائف في مؤسسات الدولة غالباً لا تخضع للقوانين ، وان الفساد و المظاهر اليومية لمحاباة الأقارب قد اضرت باقتصاد البلد بشكل عام ومع ذلك هناك اصرار غبي على مواصلة هذا النهج المدمر ، الذي وفقًا لإحدى الدراسات ، يمكن أن يؤدي الفساد المقترن بالمحاباة إلى إزهاق الأرواح.
التقاليد والحداثة علنًا تتحدث عن وجود محسوبية الأقارب في المجتمع اليمني وعواقبه الخطيرة ، التي تهدد الوضع الداخلي والخارجي للبلاد ، حيث تمنع روابط المحسوبية تدفق القوى الجديدة إلى هياكل الدولة وتمثل عقبات كبيرة أمام تحول النظام السياسي والاقتصادي نحو التعافي، والمستمرة الى يومنا هذا بسبب عدم مكافحة هذه الظاهرة و غياب التدابير التشريعية للقضاء على المحسوبية.
مفهوم التعين والترقية في وظائف اليمن يعيش حالة من التشوهات في الوعي العام بسب المحسوبية ، التي تنمو في حالة تصاعدية مرعبة ، حيث يفقد أقارب المستفيد رغبتهم في تحسين احترافهم ، بسبب وجود "سقف" يضمن الحصانة حتى في حالة الفشل المهني ، حتى المستويات الدنيا في الجهاز الإداري تفقد الحوافز لتحسين مستوى المؤهلات ، لأن صفاتها المهنية لا تؤخذ في الاعتبار في النمو الوظيفي في ظروف المحسوبية.
الافتقار إلى المنافسة والاختيار الموضوعي للكفاءات والتعينات والترقيات في مؤسسات الدولة اليمنية في الوقت الحالي للأسف تقع خارج سياق القانون ، كقاعدة عامة هي السبب في الفساد الشامل والرشوة والاختلاس وانحلال النظام الاجتماعي والاقتصادي بأكمله ، ولاتزال معايير اختيار الموظفين لهياكل الإدارة العامة في أغلب الأحيان في اليمن ليس للأولوية المهنية والعلوم والشهادات المصحوبة بالخبرة والصفات الأخلاقية ، وانما بالعلاقات الشخصية ومحاباة الأقارب .