سلام محمد العبودي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الانسداد السياسي والانفتاح المطلوب
استذكر العراقيون في الخامس من شهر رمضان؛ يوم رحيل السيد عبد العزيز الحكيم, وقد جاء في خطاب السيد عمار الحكيم, زعيم تيار الحكمة الوطني, الذي ألقاه قرب مرقد شهيد المحراب, حيث قال" كان عزيز العراق مرجعياً حَدَّ النخاع, وهو يرسخ مقولته, التي كان يرددها دائماً" ألمرجعية دينٌ ندين لله به."
استعرض السيد عمار الحكيم في خطابه, جزءاً من سيرة والده عزيز العراق, كي يجعل من تلك الكلمات, مناراً للجيل الجديد, وتذكيراً للأجيال ممن عاصروه, للثبات على العهد, الذي عاهدوا به آل الحكيم, للسير على نهجهم القويم, بإرساء قواعد الفهم للاستراتيجية العامة, ومنها الثبات على نهج المرجعية العليا, التي لا يمكن تجاهلها.
بالرغم من النتيجة المحبطة للعراقيين, التي سادت الانتخابات المبكرة, فإن السيد عمار الحكيم, كان صلباً في رؤيته لنظام الديموقراطية, حيث عدم الثبات على الفوز الدائم, لتغير القواعد والقوانين, وقد حسب لكل خطوة حسابها, فهو المعروف باستشرافه لما تؤول له نتائج المرحلة, ليتخذ مسبقاً جانب المعارضة البرلمانية, بالرغم من المغريات التي طرحت عليه, من مناصب وزارية.
ورث السيد عمار الحكيم ممن سبقه, الثقة والصلابة في اتخاذ القرارات المصيرية, والحِكمةَ في التعاطي مع الملفات الشائكة, والإنصاف في حواره ومفاوضاته مع الآخرين, ليكون المثل الأعلى لعزيز العراق, عبر تأريخه السياسي, وما فيه من أزمات وتقلبات, تستوجبُ الكياسة والتبحر في اتخاذ القرارات, فنال بذلك إعجاب كل الساسة, ومحوراً لحلحلة الأزمات.
المرحلة الحالية التي رافقت العملية السياسية, اتصفت بخطورة كبيرة, لم يعهدها العراق, أدت لانسداد سياسي, ذلك الوضع الذي حذر منه زعيم الحكمة؛ منذ ظهور نتائج الانتخابات المبكرة, فلم يحصل أي مكون, على أغلبية تؤهله لتشكيل حكومة, وحصول التحالفات جاء, خلاف الشعارات الانتخابية, فهو محاصصة مكونات بغطاء, ما يسمى تحالف وطني.
بدأت المفاوضات واللقاءات, فبدأت القائمة الصدرية, برفض المشاركة في الحكومة, جزءاً من نفس المكون, الذي كان جزءاً منه, ليتحالف حسب الواقع الإيدلوجي, مع أضداد لهم أجندة تختلف, مع ما يروج له السيد مقتدى, من حكومة صدرية وطنية قُح, وحسب النتيجة الرقمية برلمانياً, فإنها تمثل أقلية, لا يمكن لها تمرير ما تريده, إلا إذا كان يلائم المتحالفين, والأهم من ذلك, فإن المعارضة ستصبح معطلة, ولا يمكن تجاهلها, كونها تمثل المكون الأكبر, على الخارطة الاجتماعية للمكون الشيعي.
طرح السيد عمار الحكيم, مشروعاً لإنهاء الانسداد السياسي متضمناً" حسم موضوع الرئاسات الثلاث, عبر تفاهم أبناء كل مكون فيما بينهم؛ والجميع يتعامل مع مرشح, الأغلبية السنية والكردية والأغلبية الشيعية, لتمرير مفهوم الأغلبية المطمئنة للجميع, مع الاتفاق على رفض مرشح, أحد من المكونات الأخرى, لا يعني تقاطعاً مع المكون, بل فسح المجال أمامه, لتقديم خيارات أخرى, والرؤساء الثلاث يكونوا ممثلين للجميع, ويحضون بدعم واحترام الجميع."
انتهت المدة القانونية, لانتخاب رئيس الجمهورية, وجاء شهر رمضان الكريم, وكنا نأمل أن تحل البركة, فليلتم شمل الساسة, ليكونوا الحكومة الجديدة, لتخدم المواطن العراقي, الذي طال صبره, أن الاجواء يبدو أنها مغبرة, كما هو طقس العراق, ما بين فصلين.
فهل نرى انفراجاً بعد عيد الفطر؟ وفي حال تم الاتفاق, هل سيكون الوقت كافياً, لإقرار الموازنة العامة, والبدء بتقديم ما يجب على الحكومة؟