د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

في الجنوب العربي.. عيد بأية حال عدت يا عيد؟

جدة

كيفَ السبيلُ إلى الأفراحِ فى وطن
يزدادُ بؤساً إذا ما أقبلَ العيـدُ
وكيفَ نعشقُ بعدَ اليومِ أغنيةً
وكيفَ تحلو لنا بعـدُ الأناشيـدُ
ترى الخلائقَ يومَ العيدِ باسمةً
ونحنُ نبكى وكفُ الشرِ ممـدودُ

عدت يا عيد؟ عدت ونحن غارقون بالفوضى عدت يا عيد والأحلام مسروقة والآمالُ مشنوقة ، لماذا عدت يا عيد ؟
عدتَ يا عيد  وما تهيأنا بعدُ لقدومك ما أعددنا أنفسنا لاستقبالك، فما زالت الوجوه شاحبة، والعيون باكية، والضحكات ميتة، والفرحة مبتورة، والأحلام مسروقة، والآمالُ مشنوقة على جدرانِ انكساراتنا عدت وما زلنا غرباء في أوطاننا غرباء في ديارنا
ومع ذلك كله فما زلت أحلم أن يكون نصيبي في الدنيا كنصيب الطير، ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان وتعود إليها وأنا ما زلت أطير في السماء عبرت البلدان والبحار والقارات  ولم استقر بعد رغم السنين التي طحنت العمر وكلما نويت العودة إلى وطني  أتردد ليس خوفا على حياتي بل خشية أن يقضم الغدر أولادي وأحفادي كما هدموا بيتي واغتالوا أبي !!
فالوطن لم يعد آمنا بل اصبح سجونا متلاصقة وقبورا متزاحمة وفضلت معاناة الغربة ومكابدة العيش فيها على أن لا يموت اولادي واحفادي وتذهب دمائهم هدرا ولا أعرف حتى من قتلهم ؟
عدتَ يا عيد ، عدتَ وفي القلبِ ما فيه من الأحزان، تسكننا إحباطاتنا، وتكسرنا جراحنا، ويفرقنا شتاتنا  عدتَ يا عيد ونحن كما نحن غارقون في فوضى الهزيمة لا أدري أنفرح لحلول العيد أم نحزن ؟؟!!
لقد أصبح كل منا  يسير في الشارع يكاد من شدة حيرته وانشغال فكره أن يكلم نفسه بل هو يكلمها بالفعل ويناجيها ويتساءل كيف العيش وكيف الحياة ويتساءل :
بأية حال عدت يا عيد؟ أنا المعذبُ في أشواقهِ حقباً** أنا السجينُ وعنْ لقيـاكِ محـدودُ..ماذا جنيتُ لكي أحيا بلا وطنٍ**وكلُّ نهْجٍ الى الأحبابِ مرصودُ..عيدٌ يمـرُّ وأعيـادٌ تظللنا**لكـنْ بأيةِ حـالٍ عدتَ يا عيـدُ؟
وتتوالى الأعياد تباعا والإرهاب يضرب ربوع الوطن كل يوم ويموت الأبرياء دون أن يعرفوا من قتلهم ولماذا قتلهم ؟؟!!
لذلك يحق لطيب الذكر والشعر أبي الطيب المتنبي، في قبره، أن يسخر منا ومن حالنا وهو يرى أننا ما زلنا حتى اليوم نعاني حيرته ونردد صرخته التي أطلقها منذ أكثر من ألف عام، وما زال صداها مدويا دون أن تجد الرد الشافي أو الجواب المقنع، حين تساءل متهكما ساخرا من حاله وحال أمته:
عيد بأي حال عدت يا عيد ** بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟ مع ومع ذلك، ورغم كل ما سبق، لا نريد أن نفسد على المعيدين فرحتهم أو نسد شهيتهم ونقلب بهجتهم حزنا وأسى، لأن ظروفا قاسية فرضت عليهم، أو على الغالبية منهم، ولم تكن من اختيارهم ولا كانوا سببا فيها ، بل نقول للجميع، وبلا استثناء عسى كل أيامكم أعيادا، وكل عام وأنتم بألف خير راجيا منه عز وجل ان يعيد علينا هذا العيد وقد تخلصت بلادنا من القتلة والمجرمين والفاسدين فان الشعوب المؤمنة بحقها في الحياة والحرية والاستقلال لن تهزم مهما طال ليل الظلم ومهما استبد الظالمون وان مصير الطغاة  والمعتدين  إلى زوال مهما طال الزمن .
وفي الختام, تهنئة خاصة من القلب الى موقع" اليوم الثامن " والى أسرة التحرير وجميع الكتاب والقراء وعائلاتهم...وكل عام وأنتم بألف خير .
د. علوي عمر بن فريد