د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أحلام مؤجلة لكنها ليست مستحيلة (2-2) الأخيرة

عدن

وطني أيها الوطن الحاضنُ للماضي والحاضر، وطني ياباني الحضارات يا موطن التاريخ ومهد العروبة ،  يا من أحببتهُ منذُ الصغر، أنت من تغنى بك العشاقِ وأطربهُم ليلُك في السهرِ أنت ستظل حلمنا وملاذنا وأنشودة حياتنا، وطني أيها الحبُ الخالد من لي بغيرك وطناً؟ وطني ستظل حلمنا و ملاذنا الآمن و منبع أمالنا و محقق أحلامنا، كنا نحلم بأن في هذا الوطن كل شيء ممكن و لا مكان فيه لشيء اسمه المستحيل، أنه الأب الذي يحتضن أبناءه و يمسح دموعهم في أحلك الظروف و أصعبها....و أنه وأنه...وفجأة أفقنا على شيء مغاير تماما لما أوهمونا به، صحونا و اكتشفنا بأن الحلم الذي لطالما راودنا صار كابوسا مفزعا و تحطمت معه كل الأماني التي كانت تزهر في قلوبنا وانهارت كقصور من الرمال تحت أمواج الحقيقة... نضجت عقولنا ولكن بعد فوات الأوان أدركنا أننا عشنا على وقع خرافة أو أسطورة - سمها ما شئت- اسمها " الوحدة اليمنية "، التي وصفوها لنا بأنها الجنة ، واذا هي نار موقدة من الجحيم  وفخ من العذاب وقعنا فيه  ويحاصرنا  الخراب و الدمار من كل حدب وصوب فيها قوم قساة غلاظ يأكلون الأخضر واليابس لا دين ولا ملة تردعهم ،  تكاد الحياة معهم  شبه مستحيلة، وأحالت  الوطن إلى  خرابه ووكر للفجائع و الكوارث والنهب والسلب ،  وطن قاصر عاجز ساقه أبناؤه الى أبواب الجحيم  نعم ساقوك على حين غفلة من الزمن ، وأصبح الموت يترصد أبناءك   صباح مساء، فإن لم يزرهم صباحا فسيأتيهم  حتما مساءا مباغتا إياهم في زاوية احد الشوارع  أو في إحدى المقاهي أو في إحدى محطات الحافلات و لعله يصبح أكثر جرأة فيقتحم عليهم غرفهم  ليلا فيتسرب إلى أسرتهم و يقطع عليهم حبل أحلامهم  تلك التي لم يستطيعوا أن يعيشوها  على أرض الواقع فتداهمهم ليلا في نومهم ، لأننا نعيش  في زمن ردئ يمسك القلم جاهل ،وبالبندقية مجرم ،وبالسلطة خائن ،وعلى المنبر فاجر وعلى موارد الوطن  لصوص  وأحالوه  إلى غابة ينهش فيها  المجرمون حياة سكانه  ، وأصبح المواطن فيه يعاني  أِشد أنواع الغربة  والحقد والقتل بسبب السطو بالقوة على أرض زراعية أو قطعة أرض تجارية أو سكنية في أي شارع في عدن سواء كانت لك أم لجارك أو مغترب أشتراها ودفع فيها  شقاء عمره وأفنى  سنينا طويلة من عمره وشبابه ثم تسلب منه !!
ولا غرابة في ذلك انه زمن الفوضى وبمساندة السلطات يجري اغتصاب حقوق الناس وأملاكهم بل ويموتون أحيانا للدفاع عنها دون محاسبة الجناة، أي وطن هذا الذي لا وقت فيه للحياة؟!!
فلا تكاد تمسح دمعة حزنك إلا و تفاجئك الفضائيات والصحف اليومية بعشرات من أخبار القتل، الذي أستباح دماء الرجال و النساء و الشيوخ و حتى الأطفال الذين يموتون بسبب تفجيرات عشوائية  ولم تشفع لهم براءتهم في الإفلات من قبضة الجرم الفظيع، لم تعد القنوات التليفزيونية تفتتح نشرات أخبارها إلا بتشييع جنائز العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا في وطن لم يعد قادرا على أن يوفر الأمن  والأمان لأبنائه...وطن أصبح يتفنن في أشكال الموت...فإن لم تمت فيه ذبحا أو شنقا أو حرقا أو بشظايا قنبلة فستموت حتما بخيبة الأمل...و طن إن تكرم عليك فلن يهديك أكثر من رصاصة طائشة تستقر بين عينيك أو في قلبك...و يودعك في صمت رهيب مسجى على لوح خشبي حقير!!
فكيف نسترد وطنا أضعناه بأيدينا ونتباكى عليه اليوم؟!!
وصدق الحق سبحانه القائل في كتابه الكريم (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]
د . علوي عمر بن فريد