ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
التيار والاطار.. والدولة الوهمية
طرفا النزاع في العراق (الصدريون وغرمائهم التقليديون الاطار التنسيقي) يواصلان حشد جمهورهما والنزول للشوارع والحجج بالتأكيد واهية, الإطار التنسيقي يدعو للجهوزية التامة للدفاع عن الدولة! ترى عن أي دولة يتكلم؟ الدولة التي كانت يوما ما لها وزن اقليمي,مهابة الجانب, عملتها المحلية جد قوية وذلك يعكس القوة الشرائية لأبناء الوطن, يعيشون رغد العيش, برع ابناءه في مختلف مجالات الحياة أتت الحرب الجائرة, دمرت ما تم تشييده وتهجير بعض سكانه, وترحيل علمائه قسرا الى الغرب والاستفادة منهم ومن اعترض تمت تصفيته, لتتحول الى دولة يتقاسم اطراف النزاع خيراتها لتستفيد النخبة, اما العامة فان غالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر رغم عوائد النفط الهائلة.
بلد منتهك السيادة مسلوب الارادة ولا يخجل الاطار التنسيقي من دعوة المجتمع الدولي الى بيان موقفه الواضح امام هذا التعدي الخطير (من قبل الصدريون غرمائهم التقليديون)على المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها السلطة القضائية والمؤسسة التشريعية.
ترى ما الذي قامت به السلطة القضائية على مدى عقدين من الزمن؟ هل اصدرت احكاما في حق من نهبوا اموال الشعب وهم معروفون لدى العامة؟ أما المؤسسة التشريعية فإنها تعكس راي الطبقة الحاكمة متمشية مع رغباتها والدستور الذي اسس لدولة الطوائف لا الدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع.
الصدريون ربما ادركوا متأخرين فداحة النظام القائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية وان الجميع يجب ان يحكم ليس حلا بل استمرار نهب خيرات الوطن وتوطين الفساد,الصدريون ومن معهم لم يستطيعوا تشكيل الحكومة, كان عليهم الاتجاه الى المعارضة لتصويب المسار ومحاسبة المقصرين, لكن ترك البرلمان وتحشيد الجمهور امام المؤسسات لشل فاعليتها ليس حلا ,الالتجاء الى الشارع ليس مضمون العواقب, الدعوة الى الانتخابات البرلمانية المبكرة ستنتج نفس الوجوه, قد يكون هناك تغير طفيف لكنه لن يؤدي الى التغيير المطلوب, بل مزيدا من التوتر واستدعاء الأجانب للتدخل في الشأن المحلي, كنا نظن ان التيار الصدري يسعى الى اخراج البلد من محنته من خلال تغيير نظام الحكم ونبذ الطائفية السياسية, لكنه وللأسف اثبت لنا وبما لا يدع مجالا للشك انه يسعى للسلطة ما يعني انه والاطار التنسيقي وجهان لعملة واحدة .
من يطلقون على انفسهم ساسة العراق, ساهموا في تدمير الدولة, ليس ذاك فحسب بل يريدون الاستمرار في الحكم دونما رقيب او حسيب وليذهب المواطن الى الجحيم ,ليبيع اعضاءه بابخس الاثمان لأجل توفير الحاجيات الضرورية للعيش, دولة فاشلة بكل المقاييس والاستنجاد بالأجنبي ليظل العراق ساحة للصراع الاقليمي والدولي.
كانت مصيبتنا في لبنان الذي يقولون عنه قوته في ضعفه فانهار, فاذا بساسة العراق يستخدمون نفس المنهج فانهارت القيم الاجتماعية, واصبح العراق يضرب به المثل في الفساد .
من يدعون زورا وبهتانا انهم كانوا مظلومين على مدى عقود, أثبتوا لنا خلال فترة حكمهم التي شارفت على العقدين من الزمن انهم ظالمون بمرتبة (شرف), رغم يقيننا ان ليس للعملاء ومنفذي الاجندات الخارجية ومذلّي شعوبهم ...شرف.