د. صلاح الصافي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الحوار الوطني والحلول القادمة
بعد عقد جولته الأولى في السابع عشر من الشهر الماضي، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الاثنين، بدء أعمال الجلسة الثانية للحوار الوطني بالعاصمة بغداد، بحضور الرئاسات العراقية الثلاث، ممثلة في رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وقادة الكتل والقوى السياسية العراقية المنضوية في الحوار .
ومنذ استقالة أعضاء الكتلة الصدرية البالغ عددهم 73 عضواً من البرلمان العراقي، في حزيران الماضي، سعى الكاظمي لإقناع الصدر بالعدول عن قرار الانسحاب، لكن الأخير واصل سياسة الرفض، كذلك لم ينجح الكاظمي في محاولات جمع ممثل عن الصدر في اجتماعات "الحوار الوطني" في القصر الحكومي بالمنطقة الخضراء، وسط بغداد، إضافة إلى فشله في المبادرة الأخيرة، التي تمثلت باجتماع حضره معظم زعماء الأحزاب من قادة الصف الأول، في غياب الصدر.
هل هذا الحوار هو خطوة في الطريق الصحيح، وهل يصح أن يطلق عليه (حوار وطني)؟، الحوار الوطني يجب أن يجتمع فيه الوطنيون، والوطني هو المتعلق بأرض الأجداد والتمسك، والإحساس بالقيم المشتركة، والتفكير، والرغبة في العيش معاً، وهو حب الوطن، والشعور بارتباط باطني نحوه، وهي في تقديره أقوى النزعات الاجتماعية المتأصلة في نفوس البشرية، مثل ما قال الحصري، فهل يتمتع المتحاورون بالوطنية الحقة.
الانتماء للوطن ليس بحمل الجنسية العراقية، بل يجب أن يكون انتماء حقيقي، لا يكون له ارتباطات خارجية ولا يستلم أوامره من خارج الحدود، فكم من شخص من المجتمعين لا يتمتع بالوطنية؟، نعم هناك منهم من صرح علناً بانتمائه لدولة جارة، فهذا شيخ المجاهدين السيد هادي العامري أعلن أن خروج بدر من المجلس الأعلى بتوصية من السيد الخامنئي، وآخرون معروف انتماءهم لجهات خارج العراق، فبحضور هؤلاء هل يمكن اطلاق على هذا الحوار (حوار وطني)، وهل يمكن أن يكون هناك حوار وطني بدون التشرينيين وبدون الفائزون من التيار الصدري، اعتقد أن الإطاريين لم يستفيدوا من تجارب الماضي، عندما عقدوا مؤتمراً اسموه (حوار القوى الوطنية) في زمن حكم المالكي، ولم يشارك به المعارضين للسلطة، وذهبت الأموال التي صرفت عليه أدراج الرياح، حيث فشل المؤتمر فشلاً كبيراً ولم يخرج بنتائج تذكر.
إذاً هذا الحوار ليس حواراً وطنياً، إنما حوار من أجل تقسيم السلطة، وفي العراق السلطة ليس للفائز كما معمول عليه في الأنظمة السياسية في الدول الأخرى، إنما السلطة هنا يجب أن توزع على الكتل السياسية، سواء كانت فائزة أو خاسرة في الانتخابات كما هي قصور رئاسة الوزراء، حيث يستلم المسؤول قصره فترة حكمه، وبعد انتهاء ولايته يتمسك بالقصر أضافة إلى أفراد الحماية وهم جيوش جرارة وكذلك الآليات.
سواء أطلقتم عليه حواراً وطنياً أو أي مسمى آخر، لا يرجى أملاً منكم، ولا يتأمل العراقيون خيراً من قراراته، لأن قناعتنا أصبحت يقينية، لا يمكن لم سرق البلد ونهبه وهدمه أن يبني بلداً.
تمتعوا بفترة الزيارة الأربعينية، اسرقوا ما استطعتم في هذه الفترة قبل مجيء السيول البشرية التي سوف تزلزل الأرض من تحت أقدامكم، ولن يستمر الضحك على الذقون إلى ما لانهاية، ونهايتكم أصبحت قريبة، ومحاصصتكم إلى زوال، وبعدها يستعيد العراق عافيته، وكل ما يكون بعد ذلك نطلق عليه وطنياً.